ارتكابه لم يتفاوت دفع الضرورة بالزائد والناقص ، ولا فرق ظاهرا بينه وبين النهي المسوق لبيان المانعيّة.
فإذا قيل : لا تفعل كذا في صلاتك يفهم منه أنّ كلّ وجود منه مضرّ بالصلاة ، لا بمعنى أنّه لو كرّره المصلّي فقد أتى بمبطلات بقدر ما كرّر ، بل المبطل هو الوجود الأوّل ، والبقيّة ليست متّصفة بالمبطليّة الفعليّة ، لأنّ الصلاة الواحدة لا تتّصف بأزيد من بطلان واحد ، بل بمعنى أنّ ملاك المانعيّة والمبطليّة موجود في جميع وجوداته حتى تظهر ثمرته في ما ذكر من الاضطرار ؛ إذ يلزم الاقتصار حينئذ على قدر ما يندفع به الضرورة.
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ الحكم في المسألة الماهوتية بعد كون النهي عن لبس جزء غير المأكول في الصلاة ظاهرا في الوجود الساري وكون الأصل في الشكّ الموضوعي من هذه الكبرى هو البراءة هو جواز الصلاة في الماهوت وأمثاله ، هذا.
وربّما يمنع ذلك في خصوص هذه المسألة مع تسليم أصل المطلب ، فيمنع كون جزء غير المأكول من جملة الموانع للصلاة ويقال : بل كون اللباس عن جزء المأكول من جملة الشرائط ، وذلك لأنّ الأصل في هذا الباب موثّقة ابن بكير وفي ذيلها بعد بيان فساد الصلاة في أجزاء غير المأكول قال : «لا يقبل تلك الصلاة حتى يصلّي في غيره ممّا أحلّ الله أكله» وهذا مفيد للشرطيّة بظاهره.
نعم ليس ذلك من الشرائط المطلقة بحيث تبطل الصلاة بفقدانه مطلقا ، بل في خصوص حال إرادة لبس الحيواني فشرطيّة المأكوليّة معلّقة على ذلك ، فيكون الحاصل أنّ المصلّي لو أراد لبس الحيواني فيعتبر كون لباسه من جزء مأكول اللحم ، وإذن فبعد ما احرز من حال المصلّي أنّه لابس الحيواني في الصلاة فلا بدّ له من إحراز هذا الشرط الذي كون اللباس من المأكول كما في سائر الشرائط التي لا بدّ من إحرازها ، وتبطل الصلاة بالشكّ فيها ، فيصير المحصّل بطلان الصلاة في الماهوت وسائر المشكوكات.
ولكنّ لإنصاف أنّ المستفاد من الرواية المذكورة خلاف ما توهّم وذلك لأنّه