إلّا أن يأبى المتوهّم عن ذلك أيضا ويدّعي خلاف إنصاف آخر ويقول بأنّ الظاهر من الرواية أنّ ذلك شرط في كلّ ما يلبسه المصلّي حال الصلاة ، فمحصّل الشرط يرجع إلى أنّه لا يستصحب معه من جنس الساتر الحيواني شيئا إلّا ويعتبر كونه من المأكول ، وعلى هذا فلا بدّ من نزع المشكوك حال الصلاة ، لعدم إحراز الشرط في خصوصه وإن كان محرزا في خصوص شخص آخر ؛ إذ الشرط على هذا ينحلّ إلى شروط عديدة بقدر ما مع المصلّي من خصوصيّات الجنس المذكور ، وأنت خبير بأنّ هذا خلاف إنصاف في خلاف إنصاف.
والحقّ ما ذكرناه أوّلا ، ومعه لا يبقى إشكال في جواز الصلاة.
ثمّ إنّ ما يعتبر قيدا في الصلاة سواء كان من باب الشرط واعتبار الوجود أم المانع واعتبار العدم يمكن اعتباره بحسب التصوير على نحوين :
الأوّل : أن يعتبر قيدا للمصلّي نظير الطهارة ، حيث إنّ الصلاة المطلوبة صلاة من كان على وضوء ، ويمكن ذلك أيضا في عدم الكون من غير المأكول فيعتبر في الصلاة المأمور بها أن يصدر ممّن لا يكون في لباسه شيء من أجزاء غير المأكول.
الثاني : أن يعتبر قيدا لنفس الصلاة ، فتكون الصلاة المطلوبة هي الصلاة المأتي بها في حال الطهارة ، أو المقيّدة بعدم وقوعها في أجزاء غير المأكول ، هذا بحسب التصوير ، فنتكلّم في المقام تارة بحسب الاستظهار من الدليل ، وأخرى في الأصل العملي المنقّح للموضوع على كلّ من التقديرين.
ونقدّم الكلام في الثاني فنقول : لا إشكال في ما اعتبر من القيود على النحو الأوّل أي حالة في الفاعل في أنّه لو كان الفاعل متلبّسا بهذه الحالة في زمان ثمّ شكّ بعده في وجدانه لهذه الحالة وبقائها فيه يكون مقتضى الاستصحاب هو البقاء.
ألا ترى أنّ من كان على طهارة فشكّ في الحدث كان مستصحب الطهارة وتكون صلاته صحيحة ، فكذلك لو اعتبر كون الفاعل غير مستصحب لشيء من غير المأكول وكان هو كذلك في الزمان السابق وهو قبل ليس اللباس المشكوك فصار في اللاحق أي بعد لبسه مشكوكا كونه بذلك الوصف ، فمقتضى الاستصحاب