الأجزائي والالتزام بوجود القيد متّصلا ولم ينقله الرواة ، والثاني : حملها على العموم الأفرادي.
ولا يتوهّم كون الروايات على تقدير إرادة هذا المعنى توضيحا للواضح وتبيينا للمتبيّن ، وذلك لأنّ من جبليّات نفوس الناس أنّهم إذا عجزوا عن مرتبة عالية من الإحسان أو الضيافة أو غيرها من الأفعال الخيريّة رغبوا عن الإقدام على المرتبة النازلة ، فأيّ غضاضة فى أن يكون الشارع ردعهم عن هذا المطلب الجبليّ ، وأيضا فليس هذا بأوضح من وجوب إطاعة الله وإطاعة رسوله ووجوب تجنّب النفس عن الضرر ، بل الثالث من جبليّات النفوس بل جميع طبقات الحيوان مجبولة على رفع الضرر من أنفسها ، (١) بل واختيار أخفّ الضررين عند الدوران ، ومع ذلك قد ملأ الكتاب والسنّة من الأمر بإطاعة الله ورسوله والتجنّب عن غضب الله وعذابه وناره وجهنّمه وغير ذلك ، فأمر هذه الروايات ليس بأعظم من تلك الأوامر.
ثمّ على تقدير بعد إرادة هذا المعنى من الروايات فحملها على العموم الأجزائي والالتزام بعدم نقل الرواة للقيد المتّصل أيضا بعيد ، فإنّ من دأب الرواة نقل القرائن المتّصلة بالكلام التي يتغيّر المعنى بسببها حتّى الحاليّة منها ، فعدم نقلهم للقرينة المتّصلة فى المقام بعيد عن حالهم فى الغاية ، بحيث لو دار الأمر بين هذا البعيد وبين الحمل على ذلك المعنى البعيد فالثاني أخفّ بعدا قطعا ، هذا.
ولا يتوهّم (٢) جريان إشكال التخصيص المستبشع فى الاستصحاب على الوجه الثالث، فإنّ الاستصحاب حيث إنّه من الاصول وموضوعها الشكّ فلا جرم يكون مواضع ثبوت الإجماع على خلافه خارجة عنه من باب التخصّص.
__________________
(١) كما فى الحمار ونحوه حيث يسرع فى المشي برؤية آلة الضرب ، وكما فى الهرّة ونحوها حيث تفرّ برؤية ذلك. منه عفي عنه.
(٢) توضيح : ليس هذا من الاستاد دام ظلّه ، بل هو من نفسي الحقيرة ، منه عفي عنه.