نعم إذا كان للعمل صورة وكيفية خاصّة ، فالعلم بالصورة والكيفيّة ممّا يتوقّف عليه وجود العمل عادة ، فالصلاة المشتملة على الأركان المخصوصة بالهيئة الخاصّة وإن كان صدورها عن الفاعل اتفاقا مع جهله بهيئتها ممكنا عقلا ، ولكنّه ممتنع عادة ، فيتوقّف إيجاد الصلاة عادة على تعلّم كيفيّتها ، ولكن في هذه الصورة أيضا لا يتوقف وجود العمل على العلم بأصل حكمه من الوجوب والحرمة والإباحة ، ولا إشكال في أنّ تحصيل العلم بحكم العمل لا يتوقّف عليه العلم بوجود العمل ، فترك شرب التتن وفعله كما لا يتوقّف نفسهما على العلم بحكمهما ، كذلك لا يتوقّف العلم بتحقّقهما أيضا على العلم بحكمهما.
نعم مع بقاء العلم الإجمالي الكبير للمكلّف واختلاط الواجبات بالمحرّمات عنده كان علمه بصدور الواجبات وانتراك المحرّمات موقوفا على علمه بالواجبات والمحرّمات وتمييزه بينهما ، ولكن لا يتمشّى ذلك مع انحلال العلم في الشبهات البدويّة في التكليف ، فإذا كان شرب التتن مردّدا بين الحرمة والإباحة يحصل العلم بعدم مخالفة المولى بالاحتياط ، ولا يتوقّف على العلم بحكم شرب التتن واقعا من الحرمة والإباحة.
فتحصّل أنّ تحصيل العلم مقدّمة وجوديّة للعمل في بعض المقامات ، وعلميّة في بعض آخر ، ولا يكون شيئا منهما في ثالث ، فلا يمكن الالتزام بالوجوب المقدّمي لتحصيل العلم في الفرعيّات على سبيل الكليّة.
ومن جملة أقسام الوجوب ، الوجوب الطريقي ، وهو عبارة عن إيجاب شيء بغرض إحراز شيء آخر من المكلّف ، كما لو كان الواجب الواقعي شيئا ، وكان وجوبه مشتبها على المكلّف ، فأمره المولى بعنوان آخر ممكن الانطباق على هذا الشيء ، ومثاله في الشرعيّات حكم الشارع بوجوب متابعة قول العادل ؛ فإنّه لمّا كان للشارع اهتمام بالتكاليف الواقعيّة وكانت في الغالب مشتبهة على المكلّفين أمرهم بمتابعة قول العادل ليحرز منهم امتثال التكاليف بهذه الوسيلة.
فعلم أنّه يعتبر في متعلّق الوجوب الطريقي أن يكون له إمكان الانطباق على