بحكم الاستصحاب ، وأمّا بعد انقلابه إلى حال الغفلة يرتفع عنه هذا الحكم بارتفاع الموضوع، ففي حال الدخول في الصلاة كان غير محكوم بالحدث الاستصحابي ، فيكون حال هذا المكلّف حال المكلّف الذي دخل في الصلاة غافلا من الأوّل كما في الفرع المتقدّم.
وحينئذ لا بدّ من نقل الكلام في الشكّ المتأخّر عن الصلاة ، فنقول : جريان الاستصحاب فيه معلوم ، وأمّا جريان قاعدة الفراغ فهو هنا أشكل منه في الفرع المتقدّم ، ووجهه أنّا إن قلنا بالطريقية فعدم الجريان واضح ممّا ذكر في الفرع المتقدّم ، وإن قلنا بعدمها فيمكن القول بعدم الجريان هنا من جهة أنّ موضوع القاعدة لا شكّ أنّه الشكّ الحادث بعد العمل ؛ لوضوح أنّه لو لم يكن كذلك فالشكوك الحادثة في أثناء العمل يمكن الصبر عليها والحكم بالصحّة في ما بعد العمل ، ومن المعلوم بطلان ذلك.
وحينئذ فيمكن أن يقال : إنّ الشكّ الحاصل بعد الصلاة عند العرف عين الشكّ الحاصل قبلها ، فيحكمون بأنّه كان مخفيّا فظهر ، لا أنّه صورة جديدة طارئة على النفس ، كما أنّ الحال كذلك بحسب الدقّة العقليّة ، ألا ترى أنّ صورة زيد إذا حصلت في النفس ثمّ غفل عنها ، ثمّ عادت يحكم العرف بأنّها عين الصورة الاولى وإن كانت مغايرة لها بالدقّة العقليّة؟ فكذلك الحال في الشكّ هنا.
وبالجملة ، فجريان قاعدة الفراغ في هذا الفرع مبنيّ على مقدّمتين ، إحداهما القول بعدم الطريقيّة ، والاخرى إحراز أنّ العرف يحكمون بمغايرة الشكّ الثاني مع الأوّل ؛ إذ مع الشكّ أو إحراز عدم المغايرة لا مجرى للقاعدة ، أمّا على الأوّل فللشبهة في المصداقيّة ، وأمّا على الثاني فللقطع بعدم المصداقيّة ، والظاهر حكمهم بعدم المغايرة ، فلا تكون القاعدة جارية مطلقا ، سواء قلنا بالطريقيّة أم لم نقل ، فيكون الاستصحاب جاريا بلا معارض ونحكم ببطلان الصلاة من جهته لا من جهة الاستصحاب في الشكّ المتحقّق قبل الصلاة كما زعمه قدسسره.
ثمّ اعلم أنّ للاستصحاب تقسيمات باعتبارات ثلاثة ، باعتبار نفس المستصحب ، وباعتبار دليل وجوده ، وباعتبار الشكّ ، وله تقسيمات بغير هذه الاعتبارات أيضا ، ولكن لا فائدة فيها ، وإنّما المحلّ للنقض والإبرام أمور :