الامر الأوّل :
هل الاستصحاب جار في ما إذا كان المستصحب حكما ثابتا بدليل العقل ، بمعنى أنّه لو أدرك العقل الحسن أو القبح في شيء ثمّ شكّ في حسن هذا الشيء أو قبحه في اللاحق ، فهل يجرى الاستصحاب لإثبات الحسن أو القبح السابقين أو لا يجري؟. (١)
ذهب شيخنا المرتضى أعلى الله مقامه الشريف إلى عدم الجريان مصرّا عليه ، وحاصل ما أفاده في تقريب ذلك بطوله أنّ العقل يستقصي أوّلا جميع ما له الدخل في موضوع حكمه من الأوصاف والقيود والخصوصيات فيأخذ الجميع في الموضوع ثمّ يحكم بالحسن أو القبح.
مثلا إذا لا خط عنوان ضرب اليتيم لا يرى له في حدّ نفسه قبحا ، بل يراه متّصفا به في بعض الأحوال وبالحسن في آخر ، فيزيد عليه عنوان الإيذاء فيراه أيضا كذلك ، فيضمّ إليه عنوان كونه صادرا لا عن غرض التأديب فيدرك فيه حينئذ القبح اللازم الثابت في جميع الأحوال.
وكذلك إذا لاحظ عنوان الصدق لا يرى له في حدّ ذاته حسنا ، وإذا زيد عليه عنوان النافع يدرك فيه الحسن الفعلي الحاصل في جميع الحالات ، وكذلك الحال في عنوان الكذب حيث إنّه من حيث هو لا يحكم العقل فيه بالقبح ، ويحكم به بعد انضمام قيد الضارّ.
وحينئذ فنقول : ما دام هذا الموضوع المشتمل على جميع القيود الدخيلة باقيا
__________________
(١) راجع هذا البحث فى ص ٤٩٦