الشبهة الموضوعيّة والاشتباه في حصول موضوع الاستتار ، فلهذا أجابه بالاحتياط حتّى يعلم بهذا الموضوع ، ومن المعلوم أنّه على هذا لا يبقى محلّ للاستدلال.
وفي الرواية احتمال آخر قال الاستاد دام ظلّه : لم أر من تعرّضه ، وهو أن يكون غرض الإمام هو الافتاء بكون الغروب هو ذهاب الحمرة ، وأراد بقوله : «أرى لك» الخ الفتوى دون إراءة الاحتياط ، ويكون المراد بقوله : «وتأخذ بالحائطة لدينك» إعلام السائل على مراعاة التقيّة من المخالفين ، يعني ولكن لا بدّ أن لا تظهر دينك هذا للمخالفين ، ولا تفعل عملا يظهر لهم أنّ هذا دينك ، مثل أن تصعد على السطح لأجل استعلام أنّ الحمرة قد ذهبت أولا ، حتّى يعلموا أنّك تتفحّص عن حال الحمرة وأنّ مذهبك وراء مذهبهم.
وعلى هذا يكون المراد بالحائطة هو الحائط المعمول للدار والبستان دون الاحتياط المصطلح وإن كان هو أيضا مأخوذا منه باعتبار أنّ المحتاط كأنّه يعمل حائطا لنفسه يحفظه عن الوقوع في المهلكة ، والمراد في المقام التصدّي لإخفاء الدين وستره عن أنظار المعاندين ، يعني كما أنّ الحائط للدار والبستان يخفي ويستر ما فيها عن الأنظار ، كذلك لا بدّ لك أن تعامل معاملته مع دينك ، كأنّك تبني حوله حائطا يحجبه عن الأبصار ، وعلى هذا الاحتمال تكون الرواية أجنبيّة عن مدّعى الأخباري بالمرّة كما هو واضح.
والطائفة الثالثة : خبر التثليث الوارد في الخبرين المتعارضين وعدّة أخبار أخر الآمرة بالاحتياط ، من قبيل قوله عليهالسلام : «أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت» وسند خبر التثليث (١) لكونه مرويّا بطرق متعدّدة ممّا لا يقبل الخدشة ، والإمام عليهالسلام في هذه الرواية بعد ما يحكم في الخبرين المتعارضين بالأخذ بالمشهور وترك الشاذ النادر ويعلّل ذلك بأنّ المجمع عليه لا ريب فيه يقول : «إنّما الامور ثلاثة ، أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بيّن غيّة فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ حكمه إلى الله ورسوله ، ثم يستشهد بقول النبي صلىاللهعليهوآله ويقول : قال
__________________
(١) راجع ص ٧٢٣