وهل يكتفي بهذا الاستصحاب في ترتيب الأثر المترتّب على الخصوصيّة؟ فلو كان لخصوص وجود زيد في الدار أثر كوجوب التصدّق بدرهم ، فهل يكتفي باستصحاب الانسان لترتيب هذا الأثر ، أو لا بدّ في ترتيبه من استصحاب آخر في نفس الجزئي؟ الحقّ هو الثاني ، ووجهه أنّه وإن كان بقاء الكلّي في الواقع لا يمكن إلّا مع بقاء الفرد الخاصّ لمكان الاتحاد بينهما في الخارج بحسب الفرض ، فلا يمكن الانفكاك بينهما في الخارج ، ولكنّ التفكيك بينهما بحسب التعبّد ممكن ، فلا ملازمة بين التعبّد بآثار الإنسان وبين التعبّد بآثار الزيد ، فالأصل الدالّ على الأوّل لا يدلّ على الثاني. إلّا بالأصل المثبت ، فلا بدّ في ترتيب أثر الجزئي من استصحاب آخر في نفس الجزئى وهل يكتفى بهذا الاستصحاب في ترتيب الأثر المترتّب على الكلّي؟ التحقيق أنّ هنا صورتين.
الاولى : أنّ ترتّب الأثر على الكلّي على وجه الاستغراق لتمام وجوداته الخاصّة بحيث كان الأثر غير منفكّ عن شيء من وجوداته ، وذلك كقولنا : اكرم العالم فإنّ معناه أن وجوب الإكرام لا ينفكّ عن شىء من وجودات العالم ، ففي هذه الصورة يكتفى باستصحاب الخاص لترتيب الأثر المترتّب على الكلّي ، ووجهه أنّ وجود الخاص حينئذ ذو أثرين ، أحدهما حاصل من ناحية نفس الخاص ، والآخر من ناحية الكلّي ، فالزيد مثلا ثبت له حكمان ، أحدهما من جهة أنّه زيد ، والآخر من جهة أنّه عالم ، فاستصحاب وجوده كاف لإثبات كلا أثريه.
ومن هنا شاع استصحاب وجود الزيد مثلا لترتيب أحكام الزوجية مع أنّه لم يرتّب هذه الأحكام في دليل من الأدلّة على عنوان الزيد ، بل على عنوان الزوج.
الصورة الثانية أنّ ترتّب الأثر على الكلّي بلحاظ صرف الوجود الغير القابل للوحدة والتعدّد ، كما لو كان الأثر لوجود الإنسان بالمعنى الذي لا يتفاوت فيه القليل والكثير والزيد والعمرو والبكر وغيرهم ، ففي هذه الصورة لا يكتفى باستصحاب الخاص لترتيب أثر الكلّي، وجهه أنّه وإن كان بقاء الجزئي في الخارج ملازما لبقاء الكلّي فيه ، ولكن حيث إنّهما ينحلّان في ظرف التحليل إلى