أمرين متغايرين ، وفي هذه الملاحظة يقع الكلّي محلّا للعرض فلا وجه لسراية عرضه هذا إلى الجزئي ، بل يصحّ سلب الأثر عن الجزئي فيقال : إنّ الأثر لوجود الإنسان لا للزيد والعمرو والبكر.
والفرق بين هذه الصورة والصورة الاولى أنّ الكلّي في الصورة الاولى عبرة للوجودات الخاصّة ، فالوجودات الخاصّة ملحوظة إجمالا وتكون هي الموضوع للأثر في الحقيقة ، والكلّي جهة تعليليّة ، وأمّا في الصورة الثانية فالكلّي ملحوظ على وجه الاستقلال بحيث يمكن أن تكون الوجودات الخاصّة مغفولا عنها بالمرّة ، وغير ملتفت إليها رأسا ، وهذا المعنى قد ينطبق على الزيد دون غيره ، وقد ينطبق على العمر ودون غيره ، وقد ينطبق على غيرهما ، وقد ينطبق على القليل ، وقد ينطبق على الكثير ، فكيف يكون الأثر المترتّب على هذا المعنى مضافا إلى الزيد مثلا؟ وهذا بخلاف الحال في الصورة الاولى ؛ فإنّ كلّ مصداق لوجود الكلّي اشير إليه يكون ملحوظا اجمالا ، فيكون واجدا لأثر من جهة إضافته إلى الكلّي ، ولأثر آخر من جهة إضافته إلى الفرد.
وأمّا القسم الثاني فالاستصحاب الكلّي فيه صورتان.
الاولى : أن يكون الشكّ في بقاء الكلّي من جهة الشكّ في المقتضي ، والثاني : أن يكون من جهة الشكّ في الرافع ، فالأوّل كالمثال المعروف من تردّد الحيوان الموجود في الدار بين البقّ والفيل ومضى زمان ينقضي اعداد عمر البقّ بمضيّه ؛ فإنّ الشكّ في بقاء أصل الحيوان بعد القطع بحدوثه يكون ناشئا من الشكّ في أنّ المقتضي لوجود أصل الحيوان هل يكون له استعداد البقاء إلى هذه الحال أولا؟.
والثاني كما لو خرج من المتطهّر من الحدثين رطوبة مردّدة بين البول والمني فأتى برافع أحدهما ، فإنّ الشكّ في بقاء أصل الحدث بعد القطع بأصل حدوثه يكون ناشئا من الشكّ في أنّ الحدث الموجود هل هو ممّا يكون رافعه هذا المأتيّ به ، أو أنّ له رافعا آخر ، مع القطع بأنّ المقتضي لوجوده لو لا وجود الرافع حاصل على أيّ حال ، لكن كون هذا المثال من موارد استصحاب الكلّي مبنيّ على القول