الأمر الخامس : فى الاستصحاب التعليقى (١)
قد يكون المستصحب حكما فعليّا ومثاله واضح ، وقد يكون تقديريّا كما إذا علم بأنّ العنب محكوم بأنّ مائه إذا غلى يحرم ، ثمّ حصل الشكّ في ارتفاع هذا الحكم عنه بسبب تبدّل رطوبته بالجفاف وصيرورته زبيبا ، ويسمّى الاستصحاب في الثاني بالتقديري تارة وبالتعليقى اخرى.
وقد يشكل فيه بأنّ الأمر التقديري لا ثبوت له ، وإنّما يكون له مجرّد قابليّة الثبوت باعتبار من الاعتبارات ، وهذا غير كاف في الاستصحاب.
أقول : ليس الأمر كما ذكر ، بل الأمر التقديرى له ثبوت حقيقة ، غاية الأمر إمّا أن نقول بأنّ الأمر المعلّق بوصف كونه معلّقا يثبت بالجعل ، وهذا نحو من الثبوت أيضا في قبال الثبوت الفعلي ، أو نقول : إنّه ثابت بالثبوت الفعلي ، غاية الأمر في فرض حصول شيء آخر ، ولهذا يتوقّف تأثيره وفاعليّته على حصول هذا الشيء المفروض في الخارج ، غاية ما هناك أن يقال : إنّه إن كان الغرض من هذا الاستصحاب إثبات نفس هذا المعنى في حال الشكّ فلا ثمرة له أصلا ؛ لأنّ المفروض أنّه بلا فعليّة على وجه ، وبلا تأثير على آخر ، وإن كان الغرض إثبات الفعليّة أو التأثير عند حصول المعلّق عليه أو الشيء المفروض ، فهذا من الأصل المثبت ؛ فإنّ هذا ليس من الآثار الشرعيّة للقضيّة التعليقيّة بأحد من النحوين ، وإنّما يحكم بترتّبه العقل.
ولكنّه مدفوع بأنّ الوجود المعلّق والوجود الفعلي في فرض حصول شيء لازمه
__________________
(١) راجع ص ٥٤٢ وص ٦٢١