الأمر السابع : فى الاصل المثبت (١)
قد عرفت سابقا أنّ حجيّة الاستصحاب إنّما هو من باب الأخبار ، وعلى هذا فاعلم أنّ المراد بعدم نقض اليقين بالشكّ عدم نقضه وإبقائه عملا ، فإنّ هذا هو المفهوم عرفا بعد عدم إمكان إرادة المعنى الحقيقي ، فإنّ من يعمل حال الشكّ عمله حال اليقين فكأنّه أبقى يقينه ، فمن يعمل حال الشكّ في حياة والده عمله حال اليقين بها فكأنّه أبقى والده وهذا هو الجامع بين استصحاب الحكم واستصحاب الموضوع.
فلا يرد أنّ الاستصحاب في الحكم عبارة عن جعل حكم مماثل للحكم السابق ، وفي الموضوع عبارة عن جعل أثر المتيقّن السابق ، ولا جامع بين جعل نفس المتيقّن وجعل أثره ، فكيف يمكن إرادتهما معا من قاعدة لا تنقض.
وجه عدم الورود أنّ القاطع بوجوب الجمعة سابقا كان عمله الإتيان بها ، والقاطع بحياة زيد سابقا كان علمه التصرّف في أمواله والانفاق على عياله ، فالجامع للاستصحاب في الموردين هو ما ذكرنا من إبقاء اليقين السابق عملا ، غاية الأمر أنّ قول الشارع : اعمل علمك السابق ينطبق في الأوّل على إيجاب الجمعة ، وهو حكم مماثل للحكم السابق ، وفي الثاني على جعل إباحة التصرّف والإنفاق وهي أثر للمتيقّن السابق (٢) ، ومن هنا لا يقتصر في مورد الاستصحاب
__________________
(١) راجع ص ٥٤٥
(٢) ولا يذهب عليك أنّ الجامع ترتيب آثار المتيقّن ، فإنّ المتيقّن فيما إذا كان هو الحكم أثره وجوب الامتثال ، وحكم العقل لا يتعلّق به جعل الشارع ، فلا يمكن جعله بالاستصحاب ، وإنّما الممكن جعل حكم ظاهري بالاستصحاب ، حتّى يصير موضوعا لوجوب الامتثال ؛ لعدم الفرق في ـ