تنزيل أبوة زيد لعمرو ملازم لتنزيل بنوّة عمرو لزيد ، ولا ينفكّ أحد هذين التنزيلين عن الآخر عرفا.
ولا بأس بالإشارة إلى بعض المقامات التي توهّم كونها من موارد الاصول المثبتة وليس منها :
فمنها ما إذا احرز بالاستصحاب وجود موضوع خارجي لإثبات حكم مترتّب على عنوان كلّي يكون لهذا الموضوع دخل في تحقّقه ، مثاله ما لو نذر التصدّق بدرهم ما دام ولده حيّا ، فاستصحاب حياة الولد في يوم شكّ فيها لإثبات وجوب التصدّق أصل مثبت ، لأنّ حياة الولد لم يرتّب عليها الحكم في خطاب من الخطابات ، وإنّما تعلّق النذر بالتصدّق بدرهم ما دام الولد حيّا فصار عنوان الوفاء بالنذر منطبقا على هذا الفعل الخاص في فرض كون الولد حيّا ، فمتى تحقّق حياة الولد يتحقّق الوجوب بتوسّط هذا العنوان الذي هو الوفاء بالنذر.
ومن هذا الباب أيضا استصحاب وجود زيد لإثبات وجوب نفقة زوجته من ماله ، فإنّ هذا الأثر إنّما يترتّب على وجود زيد بواسطة ما يلزمه عقلا من انطباق عنوان الزوج عليه، وعنوان الزوجة على الامرأة الخاصّة ، وتفصّى بعض الأساتيد قدسسره عن هذا بما حاصله أنّ حياة الولد وإن لم يرتّب عليها الحكم في خطاب خاص ، ولكنّه رتّب عليه وجوب التصدّق لعموم خطاب وجوب الوفاء بالنذر.
بيان ذلك أنّ عنوان الوفاء أمر انتزاعي منتزع عن العناوين الخاصّة المختلفة حسب اختلاف الموارد ، والمتعلّق للوجوب ذوات هذه العناوين الخاصّة بخصوصياتها وقيودها ، فإذا وقع عنوان التصدّق بدرهم ما دام الولد حيّا موردا للنذر ، كان الوجوب متعلّقا بنفس هذا العنوان الخاص ، غاية الأمر أنّه لمّا لم يكن لهذه العناوين ضابط كلّي تندرج تحته وكان جامعا ومانعا ، انتزع منها عنوان الوفاء وجعل متعلّقا للأمر بحسب الصورة ، وإلّا فالمتعلّق له حقيقة نفس تلك العناوين