الأمر الثامن :
لا فرق في المستصحب بين أن يكون مشكوك البقاء في جميع الأزمنة المتأخّرة أو في قطعة خاصّة من الزمان ، فلو قطع بوجود زيد في يوم ومعلوم أنّه حادث ، ولكن شكّ في أنّه حدث في هذا اليوم أو في اليوم السابق ، وكان لعدمه المطلق أثر شرعي ، فلا مانع من استصحاب عدمه المفروض كونه مشكوك البقاء في اليوم الأوّل.
نعم لو كان لحدوث زيد في اليوم الثاني أثر شرعي فلا يجوز ترتيب هذا الأثر بهذا الاستصحاب وإن كان التعبير عن هذا الأصل بأصالة تأخّر الحادث موهما للحكم بتأخّر الحدوث ، لكن هذا إنّما هو على تقدير كون الحدوث أمرا بسيطا منتزعا عن العدم إلى زمان، والوجود من بعد هذا الزمان ، كما هو الظاهر عند العرف ، فإنّ العرف يفهم من لفظ «حادث» في العربيّة ، ومن لفظ «تازه» في الفارسيّة معنى بسيطا ، لا ما لم يكن ثمّ كان، نظير أنّه يفهم من لفظ «ضارب» في العربيّة ، ولفظ «زننده» في الفارسيّة معنى بسيطا لا ذاتا ثبت له الضرب.
وكذلك الحال لو قلنا بأنّ الحدوث عبارة عن المعنى المقيّد الذي هو الوجود المسبوق بالعدم بخصوصيّة كونه كذلك ، فإنّ استصحاب العدم لا يثبت التقيّد إلّا أن يقال بأنّ الواسطة خفيّة.
وأمّا إن قلنا بأنّه عبارة عن المعنى المركّب الذي هو نفس العدم إلى زمان ، والوجود من بعد هذا الزمان ، فلا إشكال في إحرازه باستصحاب العدم إلى زمان مع كون الوجود من بعد هذا الزمان محرزا بالوجدان ، كما هو واضح ، هذا كلّه فيما إذا لوحظ تأخّر الحادث بالقياس إلى الأجزاء السابقة من الزمان.
وأمّا لو لوحظ بالقياس إلى حادث آخر بأن كان هناك حادثان وشكّ في المتقدّم والمتأخّر منهما ، كما في الماء الذي لم يكن فيه الكريّة والنجاسة في