الأمر العاشر (١)
يعتبر في جريان الاستصحاب أمران :
الأوّل : بقاء الموضوع ، والمراد به اتّحاد الموضوع في القضيّة المتيقّنة والمشكوكة حتى يتحقّق اتّحاد متعلّق اليقين والشكّ المستفاد من أدلّة الاستصحاب ، وهذا لا إشكال فيه ، وإنّما الإشكال في أنّه يعتبر إحراز الوجود الخارجي للموضوع أو لا؟.
التحقيق أنّ موضوعا ومحمولا واحدين كالزيد والقيام يمكن تركيب القضايا المختلفة منهما ، ويختلف الحال بحسب جعل كلّ واحد منها موضوعا للحكم.
الأوّل : أن تركّب القضيّة على نحو مفاد كان التامّة كأن يقال : قيام زيد متى تحقّق يجب صلاة ركعتين ، أو ربط القيام بزيد متى تحقق فافعل كذا ، والثاني : أن تركّب على نحو مفاد كان الناقصة كأن يقال : زيد إن كان قائما فصلّ ركعتين ، والثالث : أن يركّب السالبة على نحو يلائم مع وجود الموضوع وانتفائه كأن يقال : إذا كان ليس زيد بقائم فصلّ ركعتين ، والرابع : أن تركّب السالبة على نحو كان الموضوع مفروغ الوجود ، كأن يقال : إذا كان زيد ليس بقائم فصلّ ركعتين ، والاختلاف بين هذه وسابقتها في عقد الوضع ، حيث إنّه يلاحظ الموضوع بعناية الوجود في الثاني ، ويلاحظ بلا عناية الوجود في الاولى.
فإن قلت : اعتبار الوجود في الموضوع لا بدّ منه في كلّ قضيّة ، حيث إنّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له.
قلت : فرق بين اعتبار الوجود في الموضوع ، وبين فرض مفروغيّة الوجود الخارجي له ، والثاني أكثر مئونة من الأوّل ، والذي يعتبر في كلّ قضيّة هو الأوّل ، و
__________________
(١) راجع ص ٥٨١