على حسب المراد اللبيّ حتّى نحتاج إلى إحراز أنّ المراد اللّبي هل هو المطلق أو المقيّد ثمّ نحكم بالاستيعاب على حسبه ، فلو لم يعلم الحال وتردّد بين الأمرين وجب التوقّف ، بل نحكم بالاستيعاب على حسب المراد الاستعمالي ونستكشف منه كون المراد اللّبي هو المطلق.
وبالجملة ، لا بدّ من ملاحظة المفاد اللفظي والتفرقة بين إجماله وبين إهماله وإجمال المراد اللبيّ ، فإن كان في المفاد اللفظي إجمال يسري هذا الإجمال الى الكلّ ، وأمّا إن كان فيه الإهمال بمعنى الصالحيّة للحمل على الإطلاق والتقييد والمقسميّة بينهما فالكلّ حينئذ يرفع الإجمال عن المراد اللبيّ ويعيّنه في الإطلاق ، وعلى هذا فقول القائل : جئني بأحد وإن كان محتاجا إلى ملاحظة المقدّمات ، ولكن قوله : جئني بكلّ أحد لا يحتاج إلى ذلك ، ومن هنا يظهر أنّه لو تكلّم بكلمة «كلّ» في مقام الإهمال كان ذلك استعمالا على خلاف وضعه.
وممّا يشهد لما ذكرنا أنّه لو صرّح بقيد الإطلاق في الكلام عوضا عن كلمة «كلّ» فقيل : جئني بأحد مطلقا ، فعلى ما ذكره يحتاج إلى ملاحظة المقدّمات ، والبديهة تشهد بخلافه.
ونظير هذا الكلام يجري في صيغة «افعل» فإنّه كما لو قيل : «كلّ رجل أبيض» لا يلزم تجوّز في الكلّ ، كذلك لو قيل : أكرم زيدا ، بضميمة قوله : أو عمروا ، لا يلزم تجوّز في صيغة «افعل» ومع ذلك لو قيل : أكرم زيدا ، لا يتوقّف بمجرّد صالحيّة المفاد اللفظي لكلا الأمرين وإجمال المراد اللبيّ بينهما ، بل يؤخذ بما هو مفاد اللفظ ويرفع بسببه الإجمال عن المراد اللبيّ.
الموضع الثاني : بعد ما عرفت من اتّحاد المضمون والمفاد من هذه الكليّة الواردة في الأخبار بعبارات ثلاث من التجاوز والمضيّ والخروج يقع الكلام في أنّه هل يمكن إرادة الأعمّ من قاعدة التجاوز وقاعدة الصحّة منها أو لا؟
فنقول : الشكّ في الشيء يكون في قاعدة التجاوز بمعنى الشكّ في وجود الشيء وعدمه ، وفي قاعدة الصحّة بمعنى الشكّ في صحّة الشيء بعد الفراغ عن