الأصل ؛ لارتفاع الشكّ في الحكم الفعلي من غير قبل الأصل حقيقة بقيام الأمارة ، وإن جعل الحكم خصوص الحكم الواقعي تحقّق حكومة الأمارة على الأصل بالتقريب المتقدّم.
فاتّضح من هنا صحّة الكلام المتقدّم من شيخنا المرتضى طاب ثراه وعدم ورود الإيراد الذي أوردناه عليه.
ويشكل على ما ذكره قدسسره أيضا بأنّه لا يتمّ في الشبهة الموضوعيّة ؛ فإنّ متعلّق اليقين والشكّ فيها نفس الموضوع لا الحكم ، والموضوع غير قابل للجعل ، فلا يتبدّل الشكّ فيه بالقطع في مرحلة الفعليّة عند قيام الأمارة ، فلو قطع بالفسق ثمّ شكّ في تبدّله بالعدالة وقامت البيّنة على العدالة ، فبهذه البيّنة لا تصير العدالة مجعولة كما يصير الحكم في الشبهة الحكميّة مجعولا ، بل الشكّ في العدالة والفسق بعد محفوظ ، فلا يتمّ في هذه الشبهة تقريب الورود مع كون الشكّ مأخوذا على وجه الصفتيّة. نعم لو جعل بمعنى الحيرة وعدم الطريق تمّ تقريب الورود في هذه الشبهة أيضا ، كما هو واضح.
تتمّة : في وجه تقديم الاستصحاب على ما عداه من سائر الاصول (١) ، أمّا تقديمه على البراءة العقليّة والاحتياط والتخيير فواضح أنّه للورود ، لوجود البيان والمؤمّن ورفع التحيّر حقيقة بوجود الاستصحاب.
وأمّا البراءة الشرعيّة المستفادة من قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» فذهب بعض الأساتيد قدسسره إلى أنّ تقديم الاستصحاب عليه أيضا للورود ، بتقريب أنّ الفعل الذي شكّ في بقاء حرمته وارتفاعها بعنوان أنّه نقض لليقين السابق ورفع اليد عنه والجري على خلاف الحالة السابقة يكون حراما ، فيدخل في الغاية حقيقة وهو ما ورد فيه النهي ويخرج عن المغيّى كذلك أعني المشكوك الحرمة ، فإنّ المراد بالغاية هو النهي الأعمّ من المتعلّق بالعنوان الأولي و
__________________
(١) راجع ص ٦٤٨ و ٧١٨