الأمر الثاني عشر (١)
في تعارض الاستصحابين ، وله قسمان ، الأوّل : أن يكون الشكّ في أحدهما مسبّبا عن الشكّ في الآخر ، والثاني : أن يكون الشكّ في كلّ منهما مسبّبا عن ثالث ، وأمّا كون الشكّ في كلّ مسبّبا عن الآخر فدور.
أمّا القسم الأوّل كما في المثال المعروف من غسل الثوب النجس بالماء المشكوك الطهارة في الحال المعلوم الطهارة في السابق ، فإنّ الشكّ في بقاء نجاسة الثوب مسبّب عن الشكّ في بقاء طهارة الماء ، فالحقّ فيه تقدّم الأصل في الشكّ السببي عليه في المسبّبي لوجهين.
الأوّل : أنّ استصحاب طهارة الماء يثبت طهارة الثوب ، ولكن استصحاب نجاسة الثوب لا يثبت نجاسة الماء ، أمّا الأوّل فلأنّ الحكم بأنّ هذا الماء طاهر حكم بأنّ الثوب النجس المغسول به مع شرائط التطهير يصير طاهرا ، وهذا الحكم الثاني بالنسبة إلى موضوع الثوب واقعي وإن كان بالنسبة إلى موضوع الماء حكما ظاهريّا ؛ لأنّه قد اخذ فيه الشكّ في الماء ، لا الشكّ في الثوب ، فيكون نسبته إلى استصحاب نجاسة الثوب الذي اخذ فيه الشكّ في الثوب نسبة الحكم الواقعي إلى الظاهري ، فإن اخذ الشكّ صفة كان وجه التقدّم هو الحكومة ؛ لأنّ حكم طهارة الثوب يكون بغرض رفع الشكّ وبيان الواقع ، وحكم نجاسته يكون موضوعه الشاك ، وإن اخذ بمعنى التحيّر وعدم الطريق تحقّق الورود للجهة المذكورة مع ارتفاع التحيّر في نجاسة الثوب حقيقة.
وأمّا الثاني وهو عدم إثبات استصحاب نجاسة الثوب نجاسة الماء فلما هو واضح من أنّ نجاسة الماء ليست أثرا شرعيّا لنجاسة الثوب ، نعم بين نجاسة الثوب
__________________
(١) راجع ص ٦٥١