لا يقنع إلّا بالفراغ القطعي ، ولا يكتفي بالمؤمّن الاحتمالي ، وهذا واضح ، هذا.
وقد قرّر شيخنا المرتضى قدسسره أيضا الأصل على الطريقيّة كما ذكرنا وجعله التعيين ، ولكن ببيان آخر لا يخلو من شيء وهو أنّه قدسسره بعد أن ذكر أنّ الأصل الأوّلي هو التوقّف قال : ومرجع التوقّف أيضا إلى التخيير ، بمعنى أنّه لو بنينا على أنّ الأصل في مورد الخبرين مطلقا ساقط عن الحجيّة ، أمّا المخالف لهما فواضح ، وأمّا المطابق لأحدهما عقليّا كان أم شرعيّا فقد استفدنا من الشرع أيضا إلغائه وأنّه ليس بمرجع ولا مرجّح للخبر المطابق له ، وبعد استفادة ذلك فالمتعيّن لا محالة هو التخيير عند فقد المزيّة ؛ إذ لو فرض سدّ باب الحجيّة على المكلّف من ناحية الخبرين أيضا يلزم مساواته مع الحيوانات ، فإنّه لا محالة بريء الذمّة عن الواقع ؛ لفرض عدم الحجّة عليه على تقدير ثبوته ، ولكن هو لا يستند في براءة ذمّته إلى مستند ، كالحيوانات ، فإنّها أيضا فارغة عن حمل التكليف بدون الاستناد في ذلك أيضا إلى مستند ، فحيث لا بدّ من التفاوت فلا بدّ من جعل أحد الخبرين على وجه التخيير في حقّه حجّة.
ثمّ بعد تمهيد هذه المقدّمة قال : فالحاكم بهذا التخيير في صورة التعادل إمّا الشرع وإمّا العقل ، أمّا الشرع فقد قيّد التخيير في لسانه بعدم وجود المزايا ، وأمّا العقل فكذا ، وذكر ما قلنا.
وأنت خبير بأنّه لا يحتاج المقام إلى هذه التجشّمات ، بل يكفي ما قلنا من أنّه بعد أن أخذ الشارع الأصل الأوّلي من يدنا في خصوص الأخبار وألزمنا بالأخذ بأحد الخبرين ودار الأمر بين جعل المعيّن حجّة أو المخيّر ، فحينئذ إذا استفتينا العقل في هذا الشكّ كان الحكم هو التعيين كما عرفت ، هذا كلّه على الطريقيّة.
وأمّا على السببيّة فالمقام من قبيل المتزاحمين مع احتمال الأهميّة في أحدهما ، فلا بدّ من التكلّم في كلّي المسألة ، فنقول وعلى الله التوكّل : إنّه يظهر من شيخنا المرتضى أنّ حكم العقل هو التعيين ، واختار المحقّق الخراساني قدسسرهما التفصيل بين ما إذا كان منشأ الاحتمال احتمال أشديّة المناط في أحدهما فالحكم هو