الغرض الشرعي ، حيث إنّها غير موضوع للمحركيّة والباعثية العقليّة ؛ فإنّه فرق عند العقل بين الجهتي في البابين ، فالجهتي من حيث الغرض حكمه ما ذكرت من عدم الباعثيّة عند طروّ الحالة المحتملة المانعيّة ، وأمّا الجهتي من حيث الجهات التي هي وظيفة العقل وإن كان تنالها يد الشرع بتوسّط المنشأ فهو موضوع لحكم العقل وتنجّزه وتحريكه.
إذا تمهّد هذا فنقول : بعد إحراز هاتين الإرادتين الجهتيتين وعدم إمكان الجمع فقد يقال : إنّ الوظيفة حينئذ للعقل فقط ؛ إذ المرحلة مرحلة الامتثال ، وهي ممحّضة للعقل وإن كان للشرع التصرّف بالتصرّف في المنشأ ، لكنّ التصرّف الابتدائي مخصوص بالعقل.
وقد يقال بأنّه للشرع هنا سبيل ، فيكون هو المسئول عنه دون العقل ، وقد يقال بالتفصيل بين التخيير والتعيين عند أهميّة أحدهما ، فيقال بخروج الأوّل عن وظيفة الشرع ودخول الثاني فيها.
لا إشكال على المبنى الثاني والأخير ؛ فإنّه على الأوّل من باب الدوران بين التعيين والتخيير ، والأصل فيه التعيين ، فيتّجه حينئذ التفصيل المتقدّم عن المحقّق المتقدّم قدسسره ، كما أنّه يكون المقام على المبنى الأخير من باب الشكّ في التكليف ، والأصل فيه البراءة ، فيتّجه التخيير في مسألتنا في كلا فرضيها.
إنّما الكلام على المبنى الأوّل وهو أنّ الإرادة تمّت من قبل المولى حسب الفرض ، وبعد ذلك تقع الحكومة بيد العقل ، ولا وظيفة للشرع لا في صورة المساواة ولا في صورة التفاوت بالاهميّة وعدمها ، وحينئذ أيضا لا إشكال في البراءة في فرض احتمال تصادف أحد الطرفين مع واجب آخر.
وأمّا مع احتمال أشديّة المناط فيه فقد يقال : إنّ المتعيّن حينئذ هو التعيين ؛ فإنّ الأمر في جانب غير محتمل الأهميّة غير معلوم المحركيّة ؛ لدوران أمره بين المساواة مع عدله حتّى يكون محرّكا وبين أن يكون عدله أهمّ منه فيكون ساقطا عن التحريك بناء على عدم صحّة الترتّب ، وأمّا الأمر في محتمل الأهميّة فمعلوم المحرّكية.