وفيه أوّلا : صحّة الترتّب كما قرّر في محلّه ، وثانيا : سلّمنا ، ولكن سقوطه عند العلم بالأهميّة مسلّم ، وأمّا عند الشكّ فهو كالشكّ في القدرة يكون محركا عند العقل ، والحكم الجهتى التى لا تحريك له عند طروّ احتمال المانع قد تقدّم أنّه في غير هذا الباب أعني الجهتي من ناحية الجهات العقليّة.
وقد يقال إنّه سلّمنا محرّكيّة الأمر بغير محتمل الأهميّة ، ولكن محركيّة الأمر الآخر مقدّمة على تحريكه كما في صورة العلم بالأهميّة ، وذلك لأنّ الأهميّة وإن كانت غير معلومة ، لكن ذات الأمر معلوم ، ومعلوميّة ذاته كافية في تنجيز مرتبته الواقعيّة وإن كانت غير معلومة ، فلو كان مرتبته واقعا عظيمة وعصيانه موجبا لعقوبة كبيرة كفى في صحّة تلك العقوبة وجود العلم بنفس الأمر ومخالفته ، وإن لم يعلم مرتبته فالأمر في الجانب المحتمل الأهميّة منجّز للمرتبة الأهمّ على تقدير ثبوتها ، فيكون مقدّما في حكم العقل على الأمر في جانب الآخر.
والجواب : إنّا سلّمنا ما ذكرت من أنّ المنجّز في صورة تأكّد المناط وشدّته لحدّ التأكّد والشدّة هو الأمر ، لكن هذا في صورة عدم ابتلائه بالأمر المزاحم ، وأمّا عند ذلك فيسقط عن هذا التنجيز ويبقى الشدّة والتأكّد بلا منجّز من ناحية الأمر ، نعم في صورة العلم بها يكون المنجّز هو العلم بالغرض ، وهذا الغرض حيث لا يمكن إدراكه بالأمر لعدم قابليّة المقام حسب الفرض للأمر المولوي يكون العلم به منجّزا ؛ لأنّه غرض أراد المولى استيفائه من جوارح العبد ، وقرّر في محلّه أنّ مثل هذا الغرض إذا لم يمكن الأمر المولوي به فالعلم به منجّز عند العقل.
وأمّا عند احتمال الاهميّة فلا منجّز بالنسبة إلى حد التأكّد لا من ناحية الأمر ولا من ناحية الغرض ؛ لأنّ المقدار المعلوم منه بمقدار تساوي الطرف الآخر ، وأمّا الزيادة فمنفي بالأصل.
والدليل على ما ذكرنا من اختصاص تنجيز الأمر للمرتبة الأشدّ بحال عدم الابتلاء بالمزاحة أنّه في صورة عدم الابتلاء لا فرق في تنجّزه تلك المرتبة وبين تعلّق العلم بتلك المرتبة ووقوعها طرفا للاحتمال وتعلّق العمل بخلافها.