فيهما بالسندين ، فيتعيّن التأويل في الظاهر وحمله على النصّ أو الأظهر.
فأجاب بأنّه لا معنى للتعبّد بالسند لأجل حمله على التقيّة وإلغائه عن مرتبة الحجيّة ، والحال أنّ معنى التعبّد لزوم العمل على طبق المضمون.
هذا محصّل صورة مرامه قدسسره ولم يتّضح لنا حقيقته ؛ فإنّه بظاهره متّضح الإشكال ؛ فإنّه قدسسره إن أراد بالفراغ عن الصدورين تعبّدا كونهما مشمولين للحجيّة الاقتضائيّة الجائية من قبل أدلّة أصل حجيّة خبر الثقة فلا إشكال في أنّ المقام كذلك.
وإن أراد كونهما حجّتين فعليتين حتّى بحسب حال التعارض ، فكلامه قدسسره في جواب الاستشكال مصرّح بعدم إمكانه وعدم المعنى للحجيّة المنتهية إلى الإسقاط والطرح في مقام العمل.
وإن أراد أنّ مرتبة الرجوع إلى المرجّح الجهتي متأخّرة عن مرتبة المرجّح الصدورى ، فهذا عين الدعوى ، فلا يصلح علّة لها.
وإن أراد أنّ مقتضى الجمع العرفي عند كون أحد الكلامين مطابقا لمذهب العامّة وكون الآخر مخالفا هو حمل الأوّل على الصدور للتقيّة ، والثاني على الصدور لأجل بيان الحكم الواقعي ، فهذا ينافي جعل مخالفة العامّة في عداد المرجّحات السنديّة ، بل اللازم ذكره في عداد وجوه الجمع العرفيّة ، مع أنّ الواجب هو الحكم بذلك في المتفاضلين أيضا ، فما وجه التفرقة بينهما وبين المتكافئين والمتواترين ، وبالجملة ، هو قدسسره أعلم بما أفاد.
والحمد لله على ما تيسّر لي من تحرير هذه الجملة من مسائل التعادل والتراجيح وإيّاه أسأل أن يجعل أعمالنا الحسنة في كفّة الميزان راجحة على سيئاتنا ، وأن يغفر زلّاتنا ويصلح شأننا ، وينفع به إيّانا والمؤمنين بحقّ محمّد وآله المعصومين الغرّ الميامين ، عليهم أفضل صلوات المصلّين ، وكان الفراغ في يوم الأحد التاسع والعشرين من جمادي الثانية من سنة ١٣٤٣ في بلدة قم ومجمع أهل العلم والفضل ، صانها الله عن تزاحم أهل الجور والجهل خصوصا في هذا الزمان المعدوم فيه العدل.