وجريان قاعدة السلطنة ، وذلك لأنّه كما يوازن بين فردي الضررين ولو بالنسبة إلى شخصين وكذلك بين فردي الحرجين ، فمع التفاوت نختار الأقلّ ، وليس هذا من الدوران الغير الراجع إلى الآمر.
كما لو دار الأمر بين أن يزني الإنسان زنيّة واحدة ، وبين أن يزني غيره عشرة زنيات، فإنّ أمر الآمر غير دائر ؛ لأنّه يأمر بترك كلا الطرفين ، بل الأمر هنا راجع إلى الآمر وأنّه لا محالة لا بدّ من عدم نيله إلى أحد غرضيه في مقام الأمر ، وحينئذ لا محالة يختار ما كان المحذور المذكور فيه أقلّ ولو كان الدوران بالنسبة إلى شخصين.
ألا ترى أنّ المولى الذي لا يرضى أن يتضرّر واحد من عبيده لو دار أمره بين أن يأمر أمرا يتضرّر هذا بعشرة ، أو أمرا آخر يتضرّر ذاك بعشرين ، لا محالة يختار الأوّل ، فكذلك الشارع ، كذلك هذه الموازنة يجري أيضا في فرد من الضرر وفرد من الحرج عند الدوران الآمري بينهما ، كمقامنا ، فربّما يكون الحرج الوارد على المالك من منعه من التصرّف أهون من الضرر الوارد على الجار على تقدير التجويز ، وربّما يكون الأمر بالعكس ، وربّما يتساوي الأمران ، فما ذكرنا من الرجوع إلى قاعدة السلطنة مختصّ بغير الصورة الاولى ، فإنّه في الصورتين الأخيرتين وإن كان لا يتحقّق الإباحة الشرعيّة ، لكن يكفي في مرجعيّة القاعدة المعذوريّة العقليّة من الجهات الأخر.
ثمّ اللازم من البيان المتقدّم هو الجواز العقلي لإقدام المالك ، وهو لا ينافي مع الضمان على تقدير أداء ذلك إلى تلف في ملك الجار ، فإنّ الضمان غير دائر مدار التحريم الشرعي، ولهذا نقول به في الأكل من مال الغير عند المخمصة.
بقي في المقام شيء آخر وهو أنّ شيخنا المرتضى قدسسره الشريف فرّق في دوران الضرر بين شخصين بين الدوران الابتدائي بينهما بأن يكون المقتضي بالنسبة إلى كليهما على حدّ سواء ، كما إذا توجّه السيل وكان نسبته إلى كلتا الدارين على السواء ، فجعله من باب تعارض الضررين ، وبين ما إذا كان المقتضي متوجّها إلى خصوص واحد منهما ، كما لو توجّه السيل إلى دار هذا ، ولو أوجد السدّة يتوجّه إلى