وإن قلنا بعدم الصدق كان العمل المذكور جائزا على كلّ حال ، ولا موقع للمعارضة والمزاحمة.
والظاهر من طريقة العلماء رضوان الله عليهم هو الثاني ، والظاهر من مفهوم لفظ الضرر عرفا هو الأوّل ؛ إذ ليس هو مختصّا بالنقص العيني ، بل القيمي عندهم من معظم أفراده ، فعدم التزامهم بالتفصيل في المثال المذكور تخصيص في القاعدة ، كما أنّ التزامهم في باب الغصب بعدم الضمان في النقص القيمي تخصيص في قاعدة من أتلف ، هذا.
الرّابع : قد يستشكل في الاستدلال بالقاعدة في موارد الضرر ، بموهونيّتها بتخصيص الأكثر ، فإنّ من لاحظ الفقه علم أنّ الخارج منها أكثر من الداخل كالتكليف بالحج والزكاة والخمس والجهاد والصوم وغير ذلك.
قال شيخنا الاستاد أدام الله أيّام إفاضاته الشريفة : يمكن دفع الإشكال عن القاعدة بأن يقال : إنّ المنفي إنّما هو الضرر الثابت في الإسلام ، أعني في الأحكام المجعولة الاسلاميّة بعد حفظ نفس الإسلام والقوانين المقرّرة فيه.
توضيح ذلك أنّ كلّ حكم من أحكام الإسلام لا ينفكّ بطبعه عن إحداث ضرر أو حرج ، والقاعدة لا ينفي هذا الضرر ، ثمّ بعد الإغماض عن هذا يكون بين أفراد هذا المضرّ بالطبع ضرريّ ، أعنى ما يزيد ضرره على ضرر أصل الطبيعة بواسطة الخصوصيات الخارجيّة ، كظلم ظالم ، أو علّة مزاج ، وغير ذلك من الأسباب الخارجيّة ، وغير ضرريّ ، أعني ما يسلم عن هذا الضرر الزائد عن مقتضى الطبيعة ، فالقاعدة ينفي لهذا الضرر الزائد بعد حفظ أصل الحكم ، وبهذا التقريب يخرج كثير من موارد توهّم التخصيص عن أفراد القاعدة كما هو واضح ، والباقي منها ليس بأكثر من الداخل ، لكن يسقط على هذا عن التمسّك في الحكم الابتدائي الضرري ، هذا.