في ما يتعلّق باستصحاب الكلّي في القسم الثالث.
اعلم أوّلا أنّ محلّ الكلام ما إذا رتّب الأثر في الدليل على صرف وجود الطبيعة المعرّى عن خصوصيّة جميع الأفراد ، وعن خصوصيّة الحدوث والبقاء ، كما إذا ورد : إذا كان الإنسان موجودا في الدار فافعل كذا.
وحينئذ نقول : لا يمكن الاستشكال في أنّه في صورة القطع بوجود زيد وارتفاعه واحتمال حدوث عمرو في الدار مقارنا لارتفاعه قد وقعت قضيّة «الإنسان موجود» في الزمان الأوّل مقطوعة ، وفي الزمان الثاني المتّصل بالأوّل والغير المتخلّل بينهما بزمان مشكوكة.
ولا يمكن القول بأنّ ما قطع بحدوثه وارتفاعه حصّة من وجود الإنسان ، وما يحتمل حدوثه في الآن المقارن لارتفاع الأوّل حصّة اخرى ، وليس لنا معنى واحد محفوظ في كلا المقامين موجود في الخارج.
نعم هذا المعنى عند التحليل الذهني يكون موجودا في الذهن ، وأمّا الخارج فحيث إنّ الوجود فيه مساوق مع التشخّص فلا محالة تكون الطبيعة فيه مرهونة بالتشخّص ، وليس لها وراء وجود التشخّصات وجود آخر لم يكن مرهونا بالتشخّص ، فإذا ارتفع فرد خارجي فقد انعدم بما فيه ، وإذا حدث فرد فقد حدث بما فيه ، فلم يجتمع اليقين بالحدوث والشكّ في الارتفاع بأمر واحد في الخارج.
وذلك لأنّا نقطع بأنّ بين تلك الوجودات جامعا وليست متباينة بالكنه ، وهو أمر خارجي متّحد معها منطبق عليها ، فالذي ينتزعه العقل بذاته موجود في الخارج ، نعم بوصف تجرّده غير موجود.
وعلى هذا فذلك المعنى إذا انعدام أحد تلك الوجودات لا ينعدم ولا يصحّ نسبة العدم المطلق إليه إلّا بعد انعدام تمام تلك الوجودات ، وإذن فإذا قطع بوجود زيد في الآن الأوّل وارتفاعه في الثاني ووجود عمر ومكانه في الآن الثاني ، فالقطع بوجود الإنسان قد تعلّق بشيء واحد في كلا الآنين ، فكذلك لو شكّ في وجود عمر ومقارنا