وكذا إذا رتّب حكم الوجوب على الصلاة الصادرة عن الشخص الطاهر بنحو التقييد، فما يكون حصّة للشخص أنّ الصلاة الصادرة منه واجبة ، فمعنى استصحاب الطهارة الحدثيّة أنّ الصلاة الصادرة من هذا الشخص صلاة صادرة من الطاهر الواقعي.
نعم هذا إنّما يستقيم إذا اعتبرت الطهارة وصفا في الفاعل ، كما هو الواقع ، وأمّا اذا اعتبرت وصفا في الصلاة فاستصحابها لا يثبت تقيّد الصلاة بها.
وحاصل الفرق بين المقامين أنّ تقيّد الصلاة في الأوّل بشخص هذا المصلّي محرز بالوجدان والاستصحاب أيضا يفيد تنزيل صدورها منه منزلة صدورها عن الطاهر الواقعي ، وأمّا في المقام الثاني فليس للصلاة تقيّد وجداني حتّى ينزّل منزلة الواقعي ، ولا يتكفّل الاستصحاب أيضا أزيد من الحكم بالطهارة مع كون الأمر بحسب الواقع مردّدا بين تقيّد الصلاة بالطهارة وعدمها.
والحاصل أنّ التقيّد ليس ممّا تكفّله الاستصحاب ، ولا هو وجداني حتّى يلحقه التنزيل ، ولا يتوهّم أنّ هنا أيضا تقيّدا بحالة المكلّف أيّا ما كانت ، فإنّ استصحاب الطهارة لا يفيد كون الحالة طهارة ، بل يفيد نفس الطهارة ، وبعبارة اخرى : مفاده أنّ الطهارة باق بنحو مفاد كان التامّة ، لا أنّ هذه الحالة طهارة بنحو مفاد كان الناقصة.
وضابط المقام أنّه كلّما اعتبر القيد في محلّ واعتبر إضافة المقيّد إلى ذلك المحلّ ، فاستصحاب القيد ينزل المقيّد بهذا المحلّ منزلة المقيّد بالمحل المتلبّس الواقعي ، فتلبّس المحلّ محرز بالأصل ، وتقيّد الذات بالمحلّ محرز بالوجدان ، فصار الموضوع محرزا بكلا جزئيّة ، وكلّما اعتبر القيد أوّلا في الذات فاستصحاب القيد غير مثمر ؛ لأنّ مفاده أنّ الذات المقيّدة به محكوم بكذا ، ولكن التقيّد غير محرز لا بالاصل ولا بالوجدان.
* * *