في ما يتعلّق باستصحاب حكم الخاص. (١)
اعلم أنّه لو دلّ الدليل الدال على الحكم في الزمان السابق عليه في اللاحق إثباتا أو نفيا ، فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب ، لأنّ مورده عدم وجود الدليل الاجتهادي.
إنّما الكلام في أنّه لو كان لنا عامّ يدلّ على ثبوت الحكم لأفراده ، ثمّ خرج منه فرد في زمان ففي ما بعد ذلك الزمان هل نرجع إلى استصحاب حكم المخصّص ، أو إلى عموم العام؟ مثلا لو قال : أكرم العلماء ، ثمّ علمنا بالإجماع عدم وجوب إكرام زيد في يوم ، ففي ما بعد ذلك اليوم هل نرجع إلى استصحاب عدم وجوب الإكرام أو إلى عموم أكرم العلماء؟.
لا بدّ أوّلا من تعيين موضوع البحث ، فنقول وبالله المستعان وعليه التكلان : إن لاحظ المتكلّم قطعات الأزمنة أفرادا ، كما لو قال : أكرم العلماء في كلّ زمان ، فلا شبهة في أنّه إذا خرج فرد في زمان يحكم بدخوله في حكم العامّ في ما بعد ذلك الزمان ، سواء جعل تلك القطعات بحسب عناية الدليل قيدا للفعل المأمور به أم ظرفا للنسبة الحكميّة ، فإنّه على الفرض الأوّل يصير الإكرام في كلّ زمان فردا مستقلّا للعام غيره في زمان آخر ، وعلى الثانى يصير القضيّة متعدّدة بتعدّد الأزمنة.
ولا إشكال في أنّ خروج زيد يوم الجمعة لا يوجب سقوط العام عن الحجيّة في ما بعده على التقديرين ، فإنّه على الأوّل إكرام زيد يوم الجمعة فرد من الإكرام ، وإكرامه في يوم السبت فرد آخر ، فإذا خرج فرد من العام نتمسّك في الباقي بعمومه ، وعلى الثاني القضيّة في حكم القضايا المتعدّدة ، فكأنّه صدرت من المتكلّم قضيّة في يوم الجمعة وخرج منها زيد ، وأيضا صدرت منه تلك القضيّة في يوم السبت ولم نعلم بخروجه من تلك القضيّة الثانية.
__________________
(١) راجع ص ٣٦١