والتحقيق عدم إمكان ذلك ، فإنّ الحال في ذلك حال الإرادة الفاعليّة ، ولا يتمشّى ممّن يعلم بأنّه يسافر بين العشرة أن ينوى مقام العشرة ، وبالجملة ، البناء على الأمر الاستقبالي في الحال مع العزم على نقض هذا البناء في موطنه لا يجتمعان.
والثانى : أنّ حال الرفع ضدّ حال الإبقاء في مسألة الاستصحاب ، وقد تقرّر هناك أنّ الإبقاء في الموضوعات إنّما يكون بترتيب آثارها التي تنالها يد التصرّف إثباتا ورفعا ، فيكون الرفع أيضا عبارة عن عدم ترتيب أثر تناله يد الجعل والتصرّف ، والمؤاخذة ليست من هذا القبيل.
والجواب : أنّه وإن لم تكن نفس المؤاخذة من هذا القبيل ، ولكن منشأها منه ، فإنّ للشارع إيجاب الاحتياط في «ما لا يعلمون» مثلا حتى تصحّ المؤاخذة عليها ، وبهذا الاعتبار يصحّ أن يقال : إنّ المؤاخذة أيضا تناله يد الجعل باعتبار أنّ منشأها كذلك ، كما أنّ هذا هو الحال في الجزئيّة والشرطيّة والمانعية ، فإنّها أيضا بنفسها غير قابلة للجعل ، ولكن يكفي في صدق المجعوليّة والشرعيّة عليها كون منشأها مجعولا ، حيث إنّ الآمر لو أنشأ الإيجاب على المركّب من عشرة أشياء ينتزع الجزئيّة بسبب هذا الإنشاء لكلّ واحد من هذه الأشياء ، والكليّة لمجموعها.
والثالث : أنّ المؤاخذة على ما لا يعلمون قبيح لكونها عقابا بلا بيان ، فكيف يكون في رفعها امتنان ، وإنّما يحصل إذا كان المؤاخذة صحيحة ، وكذا الكلام في الخطاء والنسيان وما لا يطيقون وما اضطرّوا إليه ، نعم لا يجرى في ما استكرهوا عليه ؛ إذ يصحّ التكليف في مورد الإكراه بتحمّل الضرر وعدم الإقدام ، من دون لزوم قبح كما وقع ذلك في بعض الموارد، ويمكن تقريب الإشكال بأنّه ما وجه اختصاص الرفع بهذه الامّة مع أنّ حكم العقل بقبح مؤاخذة الجاهل والخاطي والعاجز جار في جميع الأديان وجميع الأزمان.
وأمّا القول بأنّ المنّة إنّما هي بلحاظ مجموع التسعة فلا يخفي كونه شططا من الكلام كما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره حيث إنّه يكون الكلام حينئذ من قبيل