قرّرناه في محلّه ؛ لأنّ العدم الأزلي في موضوع الماء له حالة سابقة متيقّنة ، ولم نقصد بالعدم الأزلي إحراز الاتّصاف في الماء ، وإنّما اريد جرّ هذا الاتّصاف بالعدم في الماء الذي له حالة سابقة إلى زمان وجود الملاقاة لينتج جمعها في الوجود في زمان واحد ، فيقال : هذا الماء غير كرّ بحكم الاستصحاب ، وهذه ملاقاة للنجاسة في زمانه ، فقد اجتمع كلا جزئي الموضوع.
إذا عرفت هذه المقدّمة فنقول في الحادثين المشكوك تقدّم أيّهما وتأخّر أيّهما كالكريّة والملاقاة للنجاسة الحادثين كلاهما في الماء ولم يعلم السابق منهما ، فلا يدرى أهو نجس أم طاهر : يفترق الحال في جريان الاستصحاب وعدمه بين صورتى الجهل بكلا التاريخين والعلم بأحدهما مع الجهل بالآخر ، وكذا بين اعتبار خصوصيّة عدم الكريّة حالا للملاقاة في جانب النجاسة ، وعدم الملاقاة حالا للكريّة في جانب الطهارة ، وبين اعتبارهما وصفين لهما أعني الملاقاة المقترنة بعدم الكريّة ، أو الكريّة المقرونة بعدم الملاقاة.
فعلى تقدير دخالة وصف الاقتران لا يجري إلّا استصحاب عدم هذا المجموع ؛ لأنّ الخصوصيّة مشكوكة ولو كان أصل الوجود معلوما ، من غير فرق بين الاعتبار بنحو مفاد كان التامّة أو الناقصة ، ومن غير فرق أيضا بين مجهولي التاريخين والمجهول أحدهما ، وهذا واضح.
وعلى تقدير الدخالة بنحو الحاليّة لا إشكال أيضا في احراز وجود هذا المجموع جزءا بالأصل وجزءا بالوجدان ، من غير فرق بين مفاد كان الناقصة أو التامّة في خصوص المجهول أحد التاريخين في خصوص مجهولهما ، وأمّا معلومهما فليس فيه شكّ كما هو واضح ، نعم لو فرض عدم إجراء الأصل في هذا الجزء لعلّة من العلل ، نرجع إلى أصالة عدم المجموع أيضا ، كما هو أيضا واضح.
وأمّا في مجهولي التاريخ بناء على الاعتبار بنحو الحاليّة فلا غبار على إحراز المجموع أيضا ، سواء اخذ بنحو كان التامّة أو الناقصة ، جزءا بالأصل وجزءا بالوجدان من جهة المثبتيّة كما مرّ تقريبه في المقدّمة.