الله عليه على أبي بكر بمطالبته إيّاها عليهاالسلام البيّنة مع كونه سلام الله عليها ذا اليد ، فإنّه يقال: إذا اعترف ذو اليد بالانتقال من الطرف ولم يظهر الطرف لا تصديقا ولا إنكارا ، بل ادّعى عدم العلم ـ كما هو الحال في تلك الواقعة ـ لم تكن في البين مخاصمة وخصومة ، فإنّ الشاك أيضا تكليفه الرجوع إلى هذه الأمارة ورفع الشكّ بها ، لعدم اختصاص حجيّتها بواحد دون واحد.
فوجه الاحتجاج أنّ مقام مطالبة البيّنة صورة وجود خصومة في البين ، وأمّا مع اقتران الدعوى باليد وعدم منكر في القبال ، فليس مطالبة البيّنة إلّا ديدن الجهّال.
في حاله مع الأمارات والأدلّة الاجتهاديّة ، ويعبّر عن الكلّ بالطرق الشرعيّة. (١)
اعلم أنّه لا ريب حسب الارتكاز وشهادة الطبع في تقديم الطرق على الاصول أعني قول الشارع : خذ بحكاية الأمارة الفلانيّة على قوله : خذ بالحالة السابقة عند الشكّ ، أو ابن على الحليّة أو الطهارة كذلك.
إنّما الكلام في أنّ هذا التقديم هل هو من باب التخصيص أو التخصّص أو الحكومة؟
اختار شيخنا المرتضى قدسسره أنّه من باب الحكومة ، وذكر في توضيح الحكومة أنّها كون أحد الدليلين بمفاده اللفظي بيانا وتفسيرا للمفاد اللفظي للدليل الآخر ؛ فإنّ مقتضى الجمع العرفي حينئذ الأخذ بظهور التفسير وإن فرض في أدنى مرتبة ، ورفع اليد عن ظهور المفسّر وإن كان في أعلى مرتبة ، وتطبيق ذلك على المقام أنّ الشارع جعل في حقّ الجاهل طائفتين من الوظيفة.
الاولى : بلسان حفظ الشكّ في الواقع والحكم على موضوع الشكّ ، والثانية : بلسان رفع الشكّ وإزالته ، فيشترك مع الإخبار في هذه الجهة ، أعني كما أنّ نظر المخبر إلى الواقع المشكوك ورفع حجاب الشكّ عنه ، كذلك الشارع في قوله : قول
__________________
(١) راجع ص ٤٠٦