الطريق وأما مع تقديم الطريق فلا يلزم تخصيص في دليل الاصول ، لحصول غايته وهو العلم ، والحاصل أنّ حكم الأصل مرتّب على الشكّ في الواقع بوجه من الوجوه ، وغايته العلم به أيضا بوجه من الوجوه.
واستشكل عليه الاستاد أوّلا بأنّه لا وجه للالتزام ببقاء الشكّ ، فإنّ الظاهر أنّه مقابل اليقين المجعول غاية ، فالمراد به عدم ذلك اليقين ، فإذا كان المراد اليقين بوجه فالمراد هو الشكّ من جميع الوجوه.
وثانيا : لا يتم هذا في الشبهة الموضوعيّة ، مثل الشكّ في حياة زيد مع قيام البيّنة على موته ، فإنّه لم يحصل القطع الذي هو الغاية بواسطة البيّنة بشيء من الوجوه ؛ لأنّ الحياة غير قابلة للجعل.
وثالثا : التعبير بالوجه لا يحسن ؛ لأنّ عنوان تصديق الطريق وأخذ حكايته ليس كعنوان الغصبيّة ، بل هو إشارة إلى العنوان الواقعي ، فالذي يناسب هو التعبير بأنّ الحكم الفعلي في عنوان الفعل الكذائي صار معلوما بعد قيام الطريق ، فحصل الغاية.
ولكن فيه أنّ الظاهر كون المراد بالشكّ واليقين في أدلّة الاصول تعلّقها بالواقع ، فإنّها وظائف مقرّرة لرعاية الواقع ، فالملحوظ فيها نفسه ، لا الأعمّ منه ومن المجعول في مرتبة الشكّ فيه.
في حاله مع سائر الاصول. (١)
والأمر هنا أشكل من المسألة السابقة ، فإنّ الشكّ في كلا الطرفين مأخوذ ، فإن جعل عبارة عن الصفة فتقريب الحكومة وارد في كليهما ، وإن جعل عبارة عن عدم الطريق فالورود وارد في كليهما.
والذي اختاره هنا أيضا بعض الأساطين قدسسره أنّ أصالة الحليّة أو الطهارة حكم على الشكّ ما دام لم يحصل العلم بوجه من الوجوه بالحرمة والنجاسة ، والاستصحاب يوجب حصول هذه الغاية وجدانا ، وهو أيضا وإن كان مغيّا بمثل ذلك ، ولكن ذينك الأصلين ليس مفادهما إلّا نفس الحليّة والطهارة ، و
__________________
(١) راجع ص ٤١٦