أصالة الصحّة في فعل الغير (١)
استدلّ عليها بالأدلّة الاربعة ، فمن الكتاب.
بقوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) و (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) بناء على جواز التمسّك بالعام في الفرد المشتبه أنّه من أفراد المخصّص ، ولكنّه قد حقّق في الاصول فساده ، مع أخصّيته من المدّعى ، فإنّه يعمّ المعاملات والعبادات.
وقوله تعالى : (قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)
و (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) بناء على إرادة الظنّ والاعتقاد من القول في الآية للاولى ، فيصير المحصّل من الآيتين وجوب حسن الظنّ في حقّ الغير وحرمة ظنّ السوء به ، وحيث إنّ نفس الصفة النفسانيّة غير قابلة للتكليف لخروج أسبابه عن حيّز الاختيار ـ بخلاف الاعتقادات الراجعة إلى اصول العقائد ، فإنّ أسبابها وبراهينها محقّقة في محلّها ويمكن لكلّ أحد المراجعة إليها وتحصيل القطع ـ فاللازم إرجاع التكليف إلى مقام الإظهار بالجوارح وترتيب الآثار ، يعني لا تظهروا آثار سوء الظنّ ، وأظهروا آثار حسن الظنّ ، فاحتمال فساد المعاملة أو العبادة الصادرة من الغير سوء الظنّ ، واحتمال الصحّة حسن الظنّ ، فيحرم ترتيب آثار الأوّل ، ويجب ترتيب آثار الثاني.
ومنه يظهر تقريب الاستدلال بالأخبار الدالّة على وجوب وضع أمر أخيك على أحسنه ، وتكذيب السمع والبصر ، وتكذيب خمسين قسامة وتصديقه لو شهدوا أنّه قال قولا وقال : لم أقله ، وحرمة اتّهام المؤمن.
وفيه أنّ هذه الآيات والأخبار في مقام تبرئة الفاعل عن القبيح وانه مجتنب
__________________
(١) راجع ص ٣٩٧