في تعارض الاستصحاب مع قاعدة التجاوز
قد تمسّك لتقديم الثانية بلزوم اللغويّة لو قدّم الأوّل ؛ إذا ما من مورد من موارد القاعدة إلّا ويجرى هناك الاستصحاب إمّا على الوفاق أو على الخلاف إلّا المورد النادر ، فيلزم جعل القاعدة لهذا المورد النادر ، بيان ذلك يحتاج إلى تفصيل الموارد.
فنقول : منها ما إذا كان الشكّ في القيد المعتبر في الفاعل كالطهارة التي هي شرط المصلّي ، ومنها ما إذا كان الشكّ في قيد العمل ، كالجهر في الحمد والعربيّة في الصيغة ، ومنها ما إذا كان الشكّ في جزء العمل ، كالشكّ في نفس الحمد.
أمّا القسم الأوّل فلا إشكال في جريان الاستصحاب في إحراز القيد أو نفيه مع وجود الحالة السابقة ومع عدمها ، فالأصل عدم تحقّق العمل المقيّد بصدوره من الفاعل الخاصّ ، إلّا أنّ شكّه مسبّب عن الشكّ في القيد ، وقد قرّرنا في السابق أن كلّا من قاعدتي التجاوز والفراغ لسانهما إثبات القيد المشكوك ، لا المقيّد ، فيكونان في هذه الصورة مقدّمين على الاستصحاب لأجل الحكومة ، وهكذا في جميع موارد القسم الثاني ؛ إذ الأصل فيه أيضا جار في نفي المقيد لعدم الحالة السابقة في القيد ، والقاعدتان مثبتان للقيد.
وأمّا القسم الثالث فالاستصحاب جار في نفي الجزء ، وليس ارتباط الأجزاء شيئا آخر حتّى يقال : ليس له حالة سابقة كما في القيد ، فيكون الاستصحاب أبدا مقدّما على القاعدتين في هذا القسم ، ولا يخفي كثرة موارد هذا القسم ، لكن لا بدّ من صيرورة القسم الثاني بتمام موارده والقسم الأوّل في صورة عدم الحالة السابقة نادرين.
لكن يمكن أن يقال : إنّ حكومة الاستصحاب على الاصول الأخر ليس على حدّ الحكومة الاصطلاحيّة ، ولا من التخصيص ، أمّا الثاني فواضح ، وأمّا الأوّل فلأنّه ليس بين الاستصحاب مع الاصول الأخر تناف مدلولي ، بل كلّ ملائم مع الآخر في موطن نفسه ، كيف وليس حالهما بأعلى من الواقعي والظاهري ، وقد