ولا يخفى أنّ الحكاية عن الخارج في القضيّة الخبريّة على هذا ليست من شأن اللفظ بلا واسطة ، بل هو يحكى عن الصفة النفسيّة التي هي عقد القلب وهو يحكى عن الخارج ، فيكون اللفظ حاكيا عن الخارج بالواسطة ويصحّ بهذه الملاحظة إسناد الحكاية عن الخارج إلى نفس اللفظ أيضا ، لفنائه في ما هو الحاكي ، كما أنّ لفظ زيد مثلا حاك عن الصورة الذهنية وهي حاكية عن الجثّة الخارجيّة ومع ذلك يصحّ إسناد الحكاية عن الجثة الخارجيّة إلى لفظ زيد.
ولكن لا يتمّ كلام القائل أعني كون الإنشائيّة والإخباريّة راجعين إلى أطوار الاستعمال في صيغ الأمر والنهي وما يتّحد معها بحسب المادّة من القضايا الإخباريّة مثل اضرب ، أو لا تضرب ، وضرب زيد ، أو لم يضرب زيد ، حيث إنّ ما هو المحكيّ في الخبريّة هو نسبة الضرب إلى زيد وليس هذا موجودا في اضرب بل هو الطلب المتعلّق بالضرب وليس هو من مقوله النسبة التامّة بل من الناقصة ، مثل نسبه «في الدار» في ما إذا قلت : اضرب في الدار ، فلم يتحقّق الجامع إلّا أن يقال : إنّ المفاد هنا أيضا إيجاد التصاق الضرب بالزيد ، فكما أنّه لو اوجد الضرب تكوينا كان يوجد النسبة في الخارج إلى زيد واتّصاف الزيد به ، فكذلك فيما إذا توجد هذه الإرادة تشريعا فكأنّه يلصق الضرب بالزيد ، هذا.
* * *