المسألة الثانية :
في الشكّ في المكلّف به مع العلم بأصل التكليف وإمكان الاحتياط
. فهنا نذكر حكمه بحسب العقل والنقل بجميع أقسامه ، فإنّ الكلام في كلّ الأقسام من الإيجابي والتحريمي ، والإيجابي مع التحريمي بحسب ملاك حكم العقل أو النقل واحد ، فلا داعي إلى تشقيق الكلام على حسب الأقسام وجعل الكلام في كلّ قسم في باب على حده.
نعم لا بدّ من التفرقة بين هذه الصور مع إمكان الاحتياط ولا معه لاختلاف حكم العقل فيهما فلا بدّ من جعل الباب المستقلّ للثاني ، ومن قبيله دوران أمر الشيء الواحد بين الوجوب والحرمة ، وهذا التشقيق موافق مع التقسيم الذي ذكرناه في أوّل مبحث القطع فلاحظ.
وكيف كان ، فالشكّ في المكلّف به مع العلم بأصل التكليف وإمكان الاحتياط له صور.
الاولى : أن يعلم جنس الإلزام ويعلم نوعه وأنّه الوجوب ، وشكّ في تعلّقه بهذا الموضوع أو بذاك كما لو يعلم أنّ الواجب هو الظهر أو الجمعة.
والثانية : هذا مع العلم بكونه الحرمة وتردّد متعلّقه بين الموضوعين ، كما لو لم يعلم أنّ هذا حرام أو ذاك.
والثالثة : أن يعلم أصل الإلزام وشكّ في نوعه وفي متعلّقه أيضا ، كما لو علم أنّ هذا واجب أو ذاك حرام ، ثمّ الكلام فيها مع قطع النظر عن القانون الذي أعطاه الأخبار العلاجيّة لتعارض الخبرين في أنّ مقتضى الأصل الأوّلي بحسب العقل والنقل ما ذا.
وحينئذ فنقول : لا إشكال أنّه بعد العلم بأصل الإلزام كما هو المفروض في هذه الصور لا فرق لدى العقل بين المخالفة التفصيليّة والإجماليّة في الحكم بالقبح ، فكما أنّه لو علم أنّ المولى عطشان مشرف بالموت من شدّة العطش وأنّ هذا