على عبادة وهو مريض ، أتخايل فيه الموت فقلت : يا أبتاه أوصني واجتهد لي فقال : أجلسوني ، فلما أجلسوه قال : يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان ولن تبلغ حقّ حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتى تؤمن بالقدر خيره وشرّه قلت : يا أبتاه وكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره؟ قال : تعلم أنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك. يا بني إني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن أول ما خلق الله تعالى القلم ثم قال : اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة» يا بني إن متّ ولست على ذلك دخلت النار.
وهذا الذي كتبه القلم هو القدر ، لما رواه ابن وهب ، أخبرني عمر بن محمد ، أن سليمان بن مهران حدثه قال : قال عبادة بن الصامت : ادعوا لي ابني ، وهو يموت ، لعلي أخبره بما سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن أوّل شيء خلقه الله من خلقه القلم فقال له : اكتب. فقال ما ذا أكتب؟ قال : القدر. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره ، أحرقه الله بالنار (١).
وعن عبد الله بن عباس قال : كنت خلف النبي صلىاللهعليهوسلم يوما فقال لي : يا غلام إني أعلّمك كلمات : احفظ الله يحفظك. احفظ الله تجده تجاهك. إذا سألت فسل الله وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أنّ الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضرّوك ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام وجفّت الصحف» (٢) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح.
__________________
(١) ضعيف لانقطاعه ، فسليمان بن مهران وهو الأعمش لم يدرك عبادة.
(٢) الترمذي (٢٥١٦) وهو كما قال.