والتسوية شامل للإنسان وغيره قال تعالى : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧)) [الشمس] وقال (فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ (٢٩)) [البقرة] فالتسوية شاملة لجميع مخلوقاته (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ (٣)) [الملك] وما يوجد من التفاوت وعدم التسوية فهو راجع إلى عدم إعطاء التسوية للمخلوق ، فإنّ التسوية أمر وجودي ، تتعلق بالتأثير والإبداع ، فما عدم منها ، فلعدم إرادة الخالق للتسوية ، وذلك أمر عدمي ، يكفي فيه عدم الإبداع والتأثير ، فتأمل ذلك ، فإنه يزيل عنك الإشكال في قوله : «ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت» فالتفاوت حاصل بسبب عدم مشيئة التسوية ، كما أن الجهل والصمم والعمى والخرس والبكم يكفي فيها عدم مشيئة خلقها وإيجادها ، وتمام هذا يأتي إن شاء الله في باب دخول الشر في القضاء عند قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم «الشر ليس إليك» (١).
والمقصود أن كل مخلوق فقد سوّاه خالقه سبحانه في مرتبة خلقه ، وإن فاتته التسوية من وجه آخر ، لم يخلق له.
فصل
وأما التقدير والهداية ، فقال مقاتل : قدّر خلق الذكر والأنثى ، فهدى الذكر للأنثى كيف يأتيها.
وقال ابن عباس والكلبي : وكذلك قال عطاء : قدّر من النسل ما أراد ، ثم
__________________
(١) رواه مسلم (٧٧١) عن علي بن أبي طالب.