وإنها أحكام ربّ رحيم محسن لطيف حكيم ، قد بهرت حكمته العقول ، وأقرت بها الفطر ، وشهدت لمنزلها بالوحدانية ، ولمن جاء بها بالرسالة والنبوة.
وينكشف له في ضوء ذلك النور إثبات صفات الكمال ، وتنزيهه سبحانه عن النقص والمثال ، وأنّ كل كمال في الوجود فمعطيه وخالقه أحقّ به وأولى ، وكل نقص وعيب فهو سبحانه منزّه متعال عنه.
وينكشف له في ضوء هذا النور حقائق المعاد واليوم الآخر ، وما أخبر به الرسول عنه ، حتى كأنه يشاهده عيانا ، وكأنه يخبر عن الله وأسمائه وصفاته وأمره ونهيه ووعده ووعيده إخبار من كأنه قد رأى وعاين ، وشاهد ما أخبر به ، فمن أراد سبحانه هدايته شرح صدره لهذا ، فاتّسع له وانفسخ ، ومن أراد ضلالته ، جعل صدره من ذلك في ضيق وحرج ، لا يجد فيه مسلكا ولا منفذا ، والله الموفق المعين.
وهذا الباب يكفي اللبيب في معرفة القدر والحكمة ، ويطلعه على العدل والتوحيد الذي تضمنهما قوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ (١٩)) [آل عمران].