ولم يزل أهل الكلام الباطل المذموم موكلين بردّ أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم التي تخالف قواعدهم الباطلة وعقائدهم الفاسدة ، كما ردّوا أحاديث الرؤية وأحاديث علوّ الله على خلقه ، وأحاديث صفاته القائمة به ، وأحاديث الشفاعة ، وأحاديث نزوله إلى سمائه ، ونزوله إلى الأرض للفصل بين عباده ، وأحاديث تكلّمه بالوحي كلاما يسمعه من شاء من خلقه حقيقة ، إلى أمثال ذلك ، وكما ردّت الخوارج والمعتزلة أحاديث خروج أهل الكبائر من النار بالشفاعة وغيرها ، وكما ردت الرافضة أحاديث فضائل الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة ، وكما ردت المعطّلة أحاديث الصفات والأفعال الاختيارية ، وكما ردت القدرية المجوسية أحاديث القضاء والقدر السابق.
وكلّ من أصّل أصلا لم يؤصله الله ورسوله ، قاده قسرا إلى ردّ السنة وتحريفها عن مواضعها ، فلذلك لم يؤصل حزب الله ورسوله أصلا غير ما جاء به الرسول ، فهو أصلهم الذي عليه يعوّلون وجنّتهم التي إليها يرجعون.
ثم اختلف الناس في فهم هذا الحديث ووجه الحجة التي توجهت لآدم على موسى.
فقالت فرقة : إنما حجّه لأن آدم أبوه ، فحجه كما يحج الرجل ابنه. وهذا الكلام لا محصّل فيه البتة ، فإن حجة الله يجب المصير إليها مع الأب كانت أو الابن أو العبد أو السيد ، ولو حجّ الرجل أباه بحق ، وجب المصير إلى الحجة.
وقالت فرقة : إنما حجّه لأن الذنب كان في شريعة واللوم في شريعة ، وهذا من جنس ما قبله إذ لا تأثير لهذا في الحجة بوجه ، وهذه الأمة تلوم الأمم المخالفة لرسلها المتقدمة عليها وإن كان لم تجمعهم شريعة واحدة ويقبل الله شهادتهم عليهم وإن كانوا من غير أهل شريعتهم.