محدثا له ، لكان خالقا له ، والشرع والعقل ينفيه قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣)) [فاطر].
قال السني : قد دلّ العقل والشرع والحس على أن العبد فاعل له ، وأنه يستحق عليه الذمّ واللعن ، كما ثبت عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أنه رأى حمارا قد وسم في وجهه ، فقال : «ألم أنه عن هذا؟! لعن الله من فعل هذا» (١).
وقال تعالى : (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ (٧٤)) [الأنبياء] وقال : (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)) [النمل] وقال : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ (٧٠)) [الزمر].
وهذا في القرآن أكثر من أن يذكر ، والحسّ شاهد به ، فلا تقبل شبهة تقام على خلافه ، ويكون حكم تلك الشبهة حكم القدح في الضروريات ، فلا يلتفت إليه ، ولا يجب على العالم حلّ كلّ شبهة تعرض لكل أحد ، فإنّ هذا لا آخر له ، فقولكم : لو كان فاعلا لفعله ، لكان محدثا له ، إن أردتم بكونه محدثا صدور الفعل منه ، اتحد اللازم والملزوم ، وصار حقيقة قولكم : لو كان فاعلا لكان فاعلا ، وإن أردتم بكونه محدثا كونه خالقا ، سألناكم ، ما تعنون بكونه خالقا ، هل تعنون به كونه فاعلا ، أم تعنون به أمرا آخر؟ فإن أردتم الأول ، كان اللازم فيه عين الملزوم ، وإن أردتم أمرا آخر غير كونه فاعلا ، فبيّنوه.
فإن قلتم : نعني به كونه موجدا للفعل من العدم إلى الوجود.
قيل : هذا معنى كونه فاعلا ، فما الدليل على إحالة هذا المعنى؟ فسمّوه ما
__________________
(١) روى أصل الحديث : مسلم (٢١١٧) عن جابر و (٢١١٨) عن ابن عباس. وقد قال مثل هذا القول عند ما رأى رجلين يتعاطيان سيفا مسلولا أيضا.