شئتم إحداثا أو إيجادا أو خلقا ، فليس الشأن في التسميات ، وليس الممتنع إلا أن يكون مستقلا بالإيجاد ، وهذا غير لازم لكونه فاعلا ، فإنا قد بينا أن غاية قدرة العبد وإرادته وداعيه وحركته أن تكون جزء سبب ، وما توقف عليه الفعل من الأسباب التي لا تدخل تحت قدرته أكثر من الجزء الذي إليه بأضعاف مضاعفة ، والفعل لا يتم إلا بها.
فإن قيل : فهذا الجبر بعينه ، قيل : ذلك السبب الذي أعني به من القدرة والإرادة هو الذي أخرجه من الجبر وأدخله في الاختيار ، وكون ذلك السبب من خالقه وفاطره ومنشيه هو الذي أخرجه من الشّرك والتعطيل ، وأدخله في باب التوحيد ، فالأول أدخله في باب العدل ، والثاني أدخله في باب التوحيد ، ولم يكن ممّن نقض التوحيد بالعدل ، ولا ممن نقض العدل بالتوحيد ، فهؤلاء جنوا على التوحيد ، وهؤلاء جنوا على العدل ، وهدى الله أهل السنة للتوحيد والعدل ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.