فعل الرب وأمره ، وأنه خالق بفعله وكلامه ، وجميع جند الرسول وحزبه مع محمد بن إسماعيل في هذا ، والقرآن مملوء من الدلالة عليه ، كما دلّ عليه العقل والفطرة ، قال تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ (٨١)) [يس] ثم أجاب نفسه بقوله : (بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١)) [يس].
فأخبر أنه قادر على نفس فعله ، وهو أن يخلق ، فنفس أن يخلق فعل له ، وهو قادر عليه ، ومن يقول : لا فعل له ، وأن الفعل هو عين المفعول ، يقول : لا يقدر على فعل يقوم به البتة ، بل لا يقدر إلا على المفعول المباين له الحادث بغير فعل منه سبحانه ، وهذا أبلغ في الإحالة من حدوثه بغير قدرة ، بل هو في الإحالة كحدوثه بغير فاعل ، فإنّ المفعول يدلّ على قدرة الفاعل باللزوم العقلي ، ويدل على فعله الذي وجد به بالتضمّن ، فإذا سلبت دلالته التضمنية ، كان سلب دلالته اللزومية أسهل ، ودلالة المفعول على فاعله وفعله دلالة واحدة ، وهي أظهر بكثير من دلالته على قدرته وإرادته ، وذكر قدرة الرب سبحانه على أفعاله ، وتكوينه في القرآن كثير ، كقوله : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ (٦٥)) [الأنعام] ، وأن يبعث ، هو نفس فعله ، والعذاب هو مفعوله المباين له ، وكذلك قوله : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠)) [القيامة].
فإحياء الموتى نفس فعله ، وحياتهم مفعوله المباين له ، وكلاهما مقدور له ، وقال تعالى : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (٤)) [القيامة] فتسوية البنان فعله ، واستواؤها مفعوله ، ومنكرو الأفعال يقولون : إن الرب سبحانه يقدر على المفعولات المباينة له ، ولا يقدر على فعل يقوم بنفسه ، لا لازم ، ولا متعدّ.
وأهل السنة يقولون : الرب سبحانه يقدر على هذا وعلى هذا ، وهو سبحانه له الخلق والأمر ، فالجهمية أنكرت خلقه وأمره ، وقالوا : خلقه نفس