الباب الحادي والعشرون
في تنزيه القضاء الإلهي عن الشر
قال الله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)) [آل عمران] فصدّر الآية سبحانه بتفرّده بالملك كله ، وأنه هو سبحانه هو الذي يؤتيه من يشاء ، وينزعه ممن يشاء لا غيره ، فالأول : تفرّده بالملك ، والثاني : تفرده بالتصرف فيه ، وإنه سبحانه هو الذي يعزّ من يشاء بما يشاء من أنواع العز ، ويذل من يشاء بسلب ذلك العز عنه ، وأنّ الخير كله بيديه ، ليس لأحد معه منه شيء ، ثم ختمها بقوله : إنك على كل شيء قدير ، فتناولت الآية ملكه وحده وتصرّفه وعموم قدرته ، وتضمنت أن هذه التصرّفات كلها بيده ، وأنها كلها خير ، فسلبه الملك عمّن يشاء وإذلاله من يشاء خير ، وإن كان شرا بالنسبة إلى المسلوب الذليل ، فإن هذا التصرف دائر بين العدل والفضل ، والحكمة والمصلحة لا تخرج عن ذلك ، وهذا كله خير يحمد عليه الربّ ، ويثنى عليه به ، كما يحمد ويثنى عليه ، بتنزيهه عن الشر ، وأنه ليس إليه ، كما ثبت في صحيح مسلم ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يثني على ربه بذلك في دعاء الاستفتاح في قوله : «لبّيك وسعديك ، والخير في يديك والشر ليس إليك ،