وقال أبو إسحاق : الذي يكبر عن ظلم عباده.
وكذلك اسمه العزيز : الذي له العزّة التامة ، ومن تمام عزّته براءته عن كلّ سوء وشر وعيب ، فإن ذلك ينافي العزة التامة.
وكذلك اسمه العليّ : الذي علا عن كل عيب وسوء ونقص. ومن كمال علوّه أن لا يكون فوقه شيء ، بل يكون فوق كل شيء.
وكذلك اسمه الحميد : وهو الذي له الحمد كله ، فكمال حمده يوجب أن لا ينسب إليه شر ولا سوء ولا نقص ، لا في أسمائه ولا في أفعاله ولا في صفاته.
فأسماؤه الحسنى تمنع نسبة الشر والسوء والظلم إليه ، مع أنه سبحانه الخالق لكلّ شيء ، فهو الخالق للعباد وأفعالهم وحركاتهم وأقوالهم ، والعبد إذا فعل القبيح المنهيّ عنه كان قد فعل الشر والسوء ، والرب سبحانه هو الذي جعله فاعلا لذلك ، وهذا الجعل منه عدل وحكمة وصواب ، فجعله فاعلا خير ، والمفعول شر قبيح ، فهو سبحانه بهذا الجعل قد وضع الشيء موضعه ، لما له في ذلك من الحكمة البالغة التي يحمد عليها ، فهو خير وحكمة ومصلحة ، وإن كان وقوعه من العبد عيبا ونقصا وشرا.
وهذا أمر معقول في الشاهد ، فإنّ الصانع الخبير إذا أخذ الخشبة العوجاء والحجر المكسور واللبنة الناقصة ، فوضع ذلك في موضع يليق به ويناسبه ، كان ذلك منه عدلا وصوابا ، يمدح به ، وإن كان في المحل عوج ونقص وعيب ، يذم به المحل. ومن وضع الخبائث في موضعها ومحلها اللائق بها ، كان ذلك حكمة وعدلا وصوابا ، وإنما السّفه والظلم أن يضعها في غير موضعها ، فمن وضع العمامة على الرأس ، والنعل في الرجل ، والكحل في العين ، والزبالة في الكناسة ، فقد وضع الشيء موضعه ، ولم يظلم النعل