وكذلك قال إسحاق : علما يوصله إلى حيث يريد. وقال المبرد : وكل ما وصل شيئا بشيء فهو سبب.
وقال كثير من المفسرين : آتيناه من كل ما بالخلق إليه حاجة علما ومعونة له ، وقد سمّى الله سبحانه الطريق سببا ، في قوله : فأتبع سببا. قال مجاهد : طريقا. وقيل : السبب الثاني هو الأول ، أي : أتبع سببا من تلك الأسباب التي أوتيها ، مما يوصله إلى مقصوده.
وسمّى سبحانه أبواب السماء أسبابا ، إذ منها يدخل إلى السماء. قال تعالى عن فرعون (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ (٣٧)) [غافر] أي : أبوابها التي أدخل منها إليها ، وقال زهير :
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه |
|
ولو رام أسباب السماء بسلّم |
وسمّى الحبل سببا لإيصاله إلى المقصود ، قال تعالى (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ (١٥)) [الحج] قال بعض أهل اللغة : السبب من الحبال القويّ الطويل ، قال : ولا يدعى الحبل سببا حتى يصعد به وينزل ، ثم قيل لكل شيء ، وصلت به إلى موضع أو حاجة تريدها : سبب ، يقال : ما بيني وبين فلان سبب ، أي : آصرة رحم ، أو عاطفة مودة.
وقد سمى تعالى وصل الناس بينهم أسبابا ، وهي التي يتسببون بها إلى قضاء حوائجهم بعضهم من بعض قال تعالى (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦)) [البقرة] يعني الواصلات التي كانت بينهم في الدنيا ، وقال ابن عباس وأصحابه : يعني أسباب المودة الواصلات التي كانت بينهم في الدنيا. وقال ابن زيد : هي الأعمال التي كانوا يؤملون أن يصلوا بها إلى ثواب الله وقيل : هي الأرحام التي كانوا يتعاطفون بها.