بغيره ، ما تعني بقولك : إنه يكون ناقصا بذاته ، أتعني به أنه يكون عادما لشيء من الكمال الذي لا يجب أن يكون له ، قبل حدوث ذلك المراد ، أم تعني به أن يكون عادما لما ليس كمالا ، قبل وجوده ، أم تعني به معنى ثالثا؟ فإن عنيت الأول ، فالدعوى باطلة ، فإنه لا يلزم من فعله لغرض حصوله أولى من عدمه ، أن يكون عادما لشيء من الكمال الواجب قبل حدوث المراد ، فإنه يمتنع أن يكون كمالا قبل حصوله ، وإن عنيت الثاني ، لم يكن عدمه نقصا ، فإنّ الغرض ليس كمالا قبل وجوده ، وما ليس بكمال في وقت ، لا يكون عدمه نقصا فيه ، فما كان قبل وجوده عدمه أولى من وجوده ، وبعد وجوده وجوده أولى من عدمه ، لم يكن عدمه قبل وجوده نقصا ، ولا وجوده بعد عدمه نقصا ، بل الكمال عدمه قبل وقت وجوده ، ووجوده وقت وجوده ، وإذا كان كذلك ، فالحكم المطلوبة والغايات من هذا النوع وجودها وقت وجودها هو الكمال ، وعدمها حينئذ نقص ، وعدمها وقت عدمها كمال ووجودها هو الكمال ، وعدمها حينئذ نقص ، وعدمها وقت عدمها كمال ووجودها حينئذ نقص ، وعلى هذا فالنافي هو الذي نسب النقص إلى الله لا المثبت ، وإن عنيت به أمرا ثالثا ، فلا بد من بيانه حتى ننظر فيه.
الجواب الثاني : إن قولك : يلزم أن يكون ناقصا بذاته ، مستكملا بغيره. أتعني به أنّ الحكمة التي يجب وجودها ، إنما حصلت له من شيء خارج عنه ، أم تعني أن تلك الحكمة نفسها غير له ، وهو مستكمل بها؟ فإن عنيت الأول ، فهو باطل ، فإنه لا ربّ غيره ، ولا خالق سواه ، ولم يستفد سبحانه من غيره كمالا بوجه من الوجوه ، بل العالم كله إنما استفاد الكمال الذي فيه منه سبحانه ، وهو لم يستفد كماله من غيره ، كما لم يستفد وجوده من غيره ، وإن عنيت الثاني ، فتلك الحكمة صفته سبحانه ، وصفاته ليست غيرا له ، فإن حكمته قائمة به ، وهو الحكيم الذي له الحكمة ، كما أنه العليم الذي له العلم ، والسميع الذي له السمع والبصير الذي له البصر ، فثبوت حكمته لا