تعالى : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤)) [هود].
فمن سوّى بين صفة الخالقية وعدمها فلم يجعل وجودها كمالا ، ولا عدمها نقصا فقد أبطل حجج الله وأدلة توحيده ، وسوى بين ما جعل بينهما أعظم التفاوت ، وحينئذ فنقول في.
الجواب الحادي عشر : إذا كان الأمر كما ذكرتم ، فلم لا يجوز أن يفعل لحكمة؟ يكون وجودها وعدمها بالنسبة إليه سواء ، كما أنه عندكم لم يحدث ما يحدثه مع كون الإحداث والخلق وعدمه بالنسبة إليه سواء ، مع أن هذه إرادة لا تعقل في الشاهد ، فقولوا مثل ذلك في الحكمة ، وإن ذلك لا يعقل ، لا سيما والفعل عندكم هو المفعول المنفصل فجوّزوا أيضا أن يفعل لحكمة منفصلة ، وأنتم إنما قلتم ذلك فرارا من قيام الحوادث به ومن التسلسل ، فكذلك قولوا بنظير ذلك في الحكمة ، والذي يلزم أولئك فهو نظير ما يلزمكم سواء.
الجواب الثاني عشر : أن يقال : العقل الصريح يقضي بأنّ من لا حكمة لفعله ولا غاية يقصدها به أولى بالنقص ممّن يفعل لحكمة ، كانت معدومة ثم صارت موجودة ، في الوقت الذي اقتضت حكمته إحداث الفعل فيه ، فكيف يسوغ لعاقل أن يقول : فعله للحكمة يستلزم النقص ، وفعله لا لحكمة لا نقص فيه؟.
الجواب الثالث عشر : أن هؤلاء النفاة يقولون : إنه سبحانه يفعل ما يشاء من غير اعتبار حكمة ، فيجوّزون عليه كل ممكن ، حتى الأمر بالشرك والكذب والظلم والفواحش والنهي عن التوحيد والصدق والعدل والعقاب ، وحينئذ فنقول : إذا جازت عليه هذه المرادات ، وليس في إرادتها نقص ،