وهذا مراد ، فلا نقص فيه. فقولهم : من فعل شيئا لشيء كان ناقصا بدونه ، قضية كلية ممنوعة العموم ، وعمومها أولى بالمنع من قول القائل : من أكرم أهل الجهل والظلم والفساد ، وأهان أهل العلم والعدل والبرّ ، كان سفيها جائرا ، وهذا عند النّفاة جائز على الله ، ولم يكن به سفيها جائرا ، وكذلك قول القائل : من أرسل إماءه وعبيده يفجر بعضهم ببعض ، ويقتل بعضهم بعضا ، وهو قادر على أن يكفّهم ، كان سفيها ، والله قد فعل ذلك ، ولم يدخل في عموم هذه القضية ، فكذا القضية الكلية التي ادعوا ثبوتها في محل النزاع أولى أن تكون باطلة منتقضة.
الجواب الرابع عشر : أنه لو سلّم لهم أنه مستكمل بأمر حادث ، لكان هذا من الحوادث المرادات ، وكل ما هو حادث مراد عندهم ، فليس بقبيح ، فإن القبح عندهم ليس إلا مخالفة الأمر والنهي ، والله ليس فوقه آمر ولا ناه ، فلا ينزه عندهم عن شيء من الممكنات البتّة إلا ما أخبر بأنه لا يكون ، فإنهم ينزهونه عن كونه لمخالفة حكمته. والقبيح عندهم هو الممتنع الذي لا يدخل تحت القدرة ، وما دخل تحت القدرة لم يكن قبيحا ولا مستلزما نقصا عندهم ، وجماع ذلك.
الجواب الخامس عشر : أنه ما من محذور يلزم من تجويز فعله لحكمة إلا والمحاذير التي يلزم من كونه يفعل لا لحكمة أعظم امتناعا ، فإن كانت تلك المحاذير غير ممتنعة ، كانت محاذير إثبات الحكمة أولى بعدم الامتناع ، وإن كانت محاذير إثبات الحكمة ممتنعة ، فمحاذير نفيها أولى بالامتناع.
الجواب السادس عشر : إن فعل الحي العالم الاختياري لا لغاية ولا لغرض ، يدعوه إلى فعله ، لا يعقل بل هو من الممتنعات ، ولهذا لا يصدر إلا من مجنون أو نائم أو زائل العقل ، فإن الحكمة والعلة الغائيّة هي التي تجعل