الخضر : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها (٧٩)) [الكهف] وقال في بلوغ الغلامين : (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما (٨٢)) [الكهف] وقد جمع الأنواع الثلاثة في الفاتحة ، في قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)) [الفاتحة] والله تعالى إنما نسب إلى نفسه الخير دون الشر ، فقال تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)) [آل عمران] وأخطأ من قال : المعنى : بيدك الخير والشر ، لثلاثة أوجه.
أحدها : أنه ليس في اللفظ ما يدلّ على إرادة هذا المحذوف ، بل ترك ذكره قصدا أو بيانا أنه ليس بمراد.
الثاني : أن الذي بيد الله تعالى نوعان : فضل ، وعدل ، كما في الحديث الصحيح ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «يمين الله ملأى ، لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار» (١) أرأيتم ما أنفق منذ خلق الخلق ، فإنه لم يغض ما في يمينه ، وبيده الأخرى القسط ، يخفض ويرفع ، فالفضل لإحدى اليدين ، والعدل للأخرى ، وكلاهما خير لا شرّ فيه بوجه.
الثالث : أنّ قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم «لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشر ليس إليك» (٢) كالتفسير للآية ، ففرق بين الخير والشر ، وجعل أحدهما في يدي الرب سبحانه ، وقطع إضافة الآخر إليه ، مع إثبات عموم خلقه لكل شيء.
__________________
(١) رواه البخاري (٤٦٨٤) ، ومسلم (٩٩٣) عن أبي هريرة.
(٢) رواه مسلم (٧٧١) عن علي بن أبي طالب.