لصاحبه الغم ، فهذه المكروهات هي من أعظم أمراض القلب وأدوائه ، وقد تنوّع الناس في طرق أدويتها والخلاص منها ، وتباينت طرقهم في ذلك تباينا لا يحصيه إلا الله ، بل كلّ أحد يسعى في التخلص منها بما يظن أو يتوهم أنه يخلصه منها ، وأكثر الطرق والأدوية التي يستعملها الناس في الخلاص منها ، لا يزيدها إلا شدّة لمن يتداوى منها بالمعاصي على اختلافها ، من أكبر كبائرها إلى أصغرها ، وكمن يتداوى منها باللهو واللعب والغناء وسماع الأصوات المطربة وغير ذلك ، فأكثر سعي بني آدم أو كله إنما هو لدفع هذه الأمور والتخلص منها ، وكلهم قد أخطأ الطريق إلا من سعى في إزالتها بالدواء الذي وصفه الله لإزالتها ، وهو دواء مركب من مجموع أمور ، متى نقص منها جزء ، نقص من الشفاء بقدره ، وأعظم أجزاء هذا الدواء هو التوحيد والاستغفار ، قال تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ (١٩)) [محمد].
وفي الحديث : «فإن الشيطان يقول : «أهلك بني آدم بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار وبلا إله إلا الله ، فلما رأيت ذلك ، بثثت فيهم الأهواء» (١) فهم يذنبون ولا يتوبون ، لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
ولذلك كان الدعاء المفرج للكرب محض التوحيد ، وهو : «لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا هو رب العرش العظيم ، لا إله إلا هو رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم» (٢).
وفي الترمذي وغيره عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «دعوة أخي ذي النون ، ما دعاها مكروب إلا فرّج الله كربه : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
__________________
(١) انظر الدارمي (١ / ٩٢).
(٢) رواه البخاري (٦٣٤٥) ، ومسلم (٢٧٣٠) عن ابن عباس.