فصل
وقوله : أسألك بكل اسم سمّيت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك. إن كانت الرواية محفوظة هكذا ، ففيها إشكال ، فإنه جعل ما أنزله في كتابه ، أو علمه أحدا من خلقه ، أو استأثر به في علم الغيب عنده ، قسيما لما سمّى به نفسه ، ومعلوم أن هذا تقسيم وتفصيل لما سمى به نفسه ، فوجه الكلام أن يقال : سمّيت به نفسك ، فأنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، فإن هذه الأقسام الثلاثة تفصيل لما سمى به نفسه ، وجواب هذا الإشكال أن (أو) حرف عطف ، والمعطوف بها أخص مما قبله ، فيكون من باب عطف الخاص على العام. فإن ما سمى به نفسه يتناول جميع الأنواع المذكورة بعده ، فيكون عطف كل جملة منها من باب عطف الخاص على العام.
فإن قيل : المعهود من عطف الخاص على العام أن يكون بالواو ، دون سائر حروف العطف.
قيل : المسوغ لذلك في الواو ، وهو تخصيص المعطوف بالذكر ، لمرتبته من بين الجنس واختصاصه بخاصة غيره منه ، حتى كأنه غيره ، أو إرادتين لذكره مرتين باسمه الخاص وباللفظ العام ، وهذا لا فرق فيه بين العطف بالواو أو بأو ، مع أن في العطف بأو على العام فائدة أخرى ، وهي بناء الكلام على التقسيم والتنويع ، كما بني عليه تاما ، فيقال : سميت به نفسك ، فإمّا أنزلته في كتابك ، وإما علمته أحدا من خلقك.